تغليظ الضرائب على القطاعات الصاعدة

مجلس النواب سيد نفسه، وهو حر في قراراته ضمن حدود المنطق. الحكومة طلبت أن تكون الضريبة على البنوك 25%، وجاءت اللجنة المالية لمجلس النواب فرفعت النسبة إلى 30%، لكن المجلس رفع النسبة إلى 35% بدون إعفاءات أو تنزيلات.
ما هي قيمة لجان المجلس المتخصصة التي تجتمع ساعات طويلة وتستمع لوجهات نظر المسؤولين وشهادات الخبراء، ثم يأتي المجلس ليضرب بتوصياتها عرض الحائط.
في عام 2008 بلغت أرباح البنوك في الأردن 2ر906 مليون دينار، دفعت منها ضريبة دخل وخدمات مبلغ 6ر217 مليون دينار، أي ما يعادل 24% فقط، وذلك نتيجة إعفاءات مقررة في القانون لبعض مصادر الدخل، ولذا فإن نسبة 25% بدون إعفاءات كما ارتأت الحكومة، أو إلى 30% كما وجدت اللجنة المالية، كان أكثر من كاف لحماية دخل الخزينة. أما أن ترتفع النسبة إلى 35% بدون إعفاءات فلا يخلو الأمر من إجحاف، وكأن المقصود الانتقام من البنوك لأنها تشددت في منح التسهيلات لتحسين سيولتها وتمكينها من الصمود في وجه الأزمة، في الوقت الذي كانت فيه حكومات العالم تدعم بنوكها لتتجاوز الأزمة المالية الراهنة.
الاتجاه العام لمشروع قانون ضريبة الدخل الجديد هو تخفيض معدلات الضريبة بشكل يلغي حوافز التهرب، وقد يؤدي إلى زيادة الحصيلة، فضلا عن تشجيع الاستثمار، لكن مجلس النواب أخذ بالاتجاه المعاكس وجعل القانون أداة للانتقام من سلوك البنوك، كما انتقم من الصحافة في مناسبة سابقة.
إلى جانب البنوك كانت الضحايا الأخرى هي الاتصالات التي كانت تدفع 25% وشركات التعدين التي كانت تدفع 15% فجاء المجلس ليرفع هذه النسب إلى 35% مما يشكل ضربة قاسية لهذه القطاعات الصاعدة، فهل كان الدافع أن هذه القطاعات ناجحة وأرباحها عالية، أم لأن ملكيتها تعود لغير الأردنيين؟. في الحالة الأولى تشكل الضريبة عقوبة للنجاح في تقديم الخدمة، وفي الحالة الثانية تعطي صورة سلبية عن الموقف تجاه المستثمر الأجنبي، الذي من حقه أن يعامل على قدم المساواة مع المستثمر الوطني.
في الحالات التي كان النواب يأخذون قرارا بمزاج عصبي متسرع كان الأعيان يسعون لتلطيف القرار، فهل يقومون بالدور مرة أخرى؟ وهل يجدون أن 30% تكفي للبنوك و25% للاتصالات والتعدين و15% للخدمات الأخرى والتجارة و12% للصناعة؟. نأمل ذلك وننتظر.