على عتبات الشهر الفضيل

يقول مصطفى صادق الرافعي ان رمضان هو شهر المراجعة لانفلات الأنانية لدى الانسان الفرد ويصف رمضان بأنه مدرسة الثلاثين يوما ، وهكذا فان الجميع يعرف البديهية التي تقول ان رمضان هو فرصة لكبح الشهوات والارتقاء بالنفس الانسانية عن اورام الذات والاجندة الشخصية والانانيات الجشعة والتي تتسبب في دمار المجتمعات.. رمضان فرصة ومدرسة لصقل النفس الانسانية بحيث يبدأ احساس جديد بالآخرين ومراعاة الصالح العام من خلال التعاطف الانساني الضروري وكما يقول الاستاذ مشاري النعيم فان رمضان هو فرصة للتصحيح لأننا عادة نتأمل في أنفسنا ونقيمها في هذا الشهر ويفترض ان نبحث اولا في ما قصرنا فيه وكيف اننا محاسبون على هذا التقصير خاصة ان احوالنا لا تسر.
لا أريد أن أظهر بصورة المتشائم دائما وخصوصا في شهر رمضان الذي يجب ان نحاسب فيه أنفسنا قبل أن نحاسب ، لكنني أرى أنه من الضروري أن نقوم بالتصحيح عن طريق تشخيص أمراضنا وعللنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا ان نتركها هكذا للزمن ليداويها. وأنا عندما انتقد ممارساتنا فلا أتصور اننا سنتحول إلى مجتمع مثالي أو يجب أن نكون هذا المجتمع لأن كل المجتمعات فيها من العلل الكثير وتستجيب بشكل أو بآخر إلى الفروقات بين الناس والبعض فيها يحصل على أكثر من غيره وهي حالة إنسانية لا يخلو منها مجتمع على وجه الأرض ، لكن التقويم والتصحيح وتطوير الآليات الذاتية التي تعيد المجتمع إلى مساره الصحيح كلما انحرف عن هذا المسار مسألة حيوية يجب أن لا نتنازل عنها. فمن يقول إننا لا نستطيع التوجه إلى المسار الصحيح ومن يقول إننا لا نقدر أن نضع أيدينا على أخطائنا ونصححها ، لكننا بحاجة إلى إرادة فقد حبانا الله بخيرات كثيرة ومن باب حفظ النعيم العمل على تنميتها وحفظها للأجيال القادمة حتى تكون هذه البلاد عامرة وقوية دائما.
كنت أقرأ حول فكرة الدولة ولفت انتباهي أن هناك من يجمع على أن الأسرة هي أساس الدولة فقد كانت الأسرة مكونا سياسيا منفردا حتى تشكلت فكرة المصالح المشتركة وتشكلت العشيرة ومن ثم القبيلة التي سكنت قرى وتجمعت القرى في مدن وبعد ذلك تجمعت المدن في دول.
الأسرة هي الأساس وهي التي نركن إليها في الإصلاح وبناء القيم فبصلاحها تصلح الدول ، لكن هناك من يرى أن الدولة تقوم على القوة ، ودون القوة لا يمكن أن يكون هناك دولة ولن يكون هناك استقرار داخلي أو خارجي لهذه الدولة. والذي يبدو لي أننا نحتاج الأسرة لبيان العقد الاجتماعي ومنظومة القيم ونحتاج القوة لبناء نظام صارم تتلاشى فيه المصالح القرابية من اجل مصلحة الدولة نفسها.