اللعب مع الاسعار

لا شك ان ضبط تداعيات معادلة تحرير الاسعار اصبحت بيد المستهلك فقط. فالعرض والطلب الذي يحتكم اليه سوق الاستهلاك الاردني حاليا جرد الحكومة من سلاح التسعيرة، وبات ثقافة الاستهلاك سيد الموقف في لجم فلتان اسعار قوت المواطن من عدمه.
لغة المقاطعة، مفردة جديدة في ثقافة المستهلك الاردني، الذي دخل في متاهة العرض والطلب كونه لا زال يعيش على اطلال وزارة التموين واماني عودتها، وامل ان تساعده الحكومة في لجم فلتان اسعار قوته من السلع الاساسية.
مقاطعة اللحوم الحمراء التي اعلنتها جمعية حماية المستهلك الاسبوع الماضي، وبدأت تأتي اكلها في اول ايام الشهر الفضيل، ليست الا ممارسة عملية تمكن المواطن من اكتشاف ضالة المعادلة الجديدة التي هو فيها سيد الموقف.
وان كانت سيطرة اللحوم البيضاء على موائد الاردنيين من فئة اصحاب الدخل المحدود منذ سنوات مرده ضعف قوتهم الشرائية، الا ان مشاركتهم في حملة مقاطعة اللحوم الحمراء فيها ما يعزز نمطا استهلاكيا جديدا يهدف الى تقريب هذه السلعة من موائد المحرومين منها ب بطح اسعارها، وتغير فلسفة التجار في التعامل مع قواعد المستهلك الاردني الجديدة.
صحيح ان ضبط اسعار بعض السلع خارج سيطرة الجميع، لا سيما تلك العالمية، ولكن حتى مقاطعتها فيها رسالة الى دول المنشأ، والقهوة التي قاطعها الاردنيون قبل سنوات خير دليل.
تحرير السوق لسياسة العرض والطلب، يتطلب ادبيات استهلاكية وتجارية من كافة اطراف المعادلة. فحتى تكون الحكومة حيادية في مدخلات ومخرجات المعادلة الجديدة، فمطلوب منها ان تفتح سوق اللحوم امام شركات ضخمة تقدمت في سنوات سابقة للاستثمار ولكنها خرجت بخفي حنين لاسباب لا تزال مجهولة وليس للمستثمرين الترانزيت الذين حالت ملاءتهم المالية من مجاراة احدى الشركات المحلية التي سمحت لها الظروف بان تكون الاقوى بلا منافس.
وحتى لا يبقى المستهلك مصنعا لحيتان الغذاء، فمطلوب منه ان يتخلى عن بعض العادات الاستهلاكية السيئة التي تجعله دوما تحت وطأة غلاء الاسعار.