لو كنت رئيساً للوزراء ..!

يسعى كل رئيس وزراء أن يكون ناجحاً ومتميزاً في حكومته، لأن النجاح بغية كل عاقل، وذلك سعياً للشعبية أو طلباً لمزيد من الفرص كرئيس للوزراء، ولكن يحدث عندنا غالباً أن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فرئيس الوزراء يختار أعضاء حكومته وفق اعتبارات ومعايير معينة ليس منها بالضرورة الكفاءة، ولا أظن أن رئيس وزراء مهما كان يحب أن يفشل وأن يُقال ذات ليلة بسبب تقصيره وعجزه.
الضغوط التي تمارس على كل رئيس وزراء مكلف كثيرة، فالتوازنات العشائرية وإرضاء مجلس النواب، واسترضاء الحيتان، وأخذ مشورة الصالونات السياسية وحكماء السياسة ودهاقنتها، وغير ذلك مما يسعى كل رئيس وزراء أن يأخذه في الحسبان حتى تنجح وزارته على الأقل في اجتياز اختبار الثقة بأقل قدر من الخسائر والإحراج وكشف المستور.
وعادة يتعرض كل رئيس وزراء لحملات إعلامية وصحفية وخاصة بعد مهلة المائة يوم الأولى (أيام العسل الحكومية)، وتختلف أسباب الحملات وتذهب مذاهب شتى وإن كانت تزعم كلها الحرص على الوطن ومصلحته. وكم أشفق على رئيس الوزراء مما يتلقى من هجوم وحملات صحافية بالإضافة إلى فجيعته بأعضاء حكومته الذين خذلوه وأفشلوه.
ما أسهل أن ننتقد رئيس الوزراء وأداء حكومته، ولا أشك لحظة إن كل من ينتقد رئيس الوزراء أي رئيس وزراء لن يكون بأحسن حال منه لو قيض له أن يشكل حكومة ما حتى لو كانت في جزر الواق الواق على عنزتين وأرنب، وكم تساءلت: لو كنت رئيساً للوزراء هل سأكون مثل هذا الرئيس أو ذاك؟ وهل سأكون رئيس وزراء غير شكل؟ وهل يمكن أن أكون وحيد زماني، وأن آت بما لم تأت به الأوائل؟
فكرت كثيراً في هذا السؤال من باب الرياضة العقلية والخيال الذي أعشقه، وبعد جهد جهيد خلصت إلى مجموعة من الاختبارات المتتابعة التي يمكن أن ألجأ إليها لاختيار فريقي الوزاري الافتراضي، ويتم استبعاد من يفشل في أي اختبار فوراً، وتتلخص هذه الاختبارات في أربع مراحل هي:
أولاً : أن يطلب من المرشحين للوزارة أن يشرفوا مجمع رغدان وأن يقفوا في طوابير كخلق الله، وخاصة في عصاري شهر رمضان المبارك، وركوب حافلات (باصات) المؤسسة الموصلة إلى بيادر وادي السير أو صويلح ويشترط أن يركبوا وقوفاً متعربشين بالأنابيب والمقابض الجلدية. ومعايير اجتياز هذه المرحلة أن ينجح المرشح في الوصول إلى نهاية الخط واقفاً، وأن لا يهرب في الطريق وينزل في غفلة ويركب تاكسياً إلى نهاية الخط.
ثانياً : يخضع المتأهلين في الاختبار الأول للعيش أسبوعاً على الأقل في هاشمية الزرقاء وخاصة في الحي الذي يقابل محطة الحسين الحرارية شمالاً، وأن يستمتعوا بالتلوث المنبعث من مصفاة البترول الأردنية ومحطة الحسين الحرارية وغيرهما. ومعيار اجتياز هذا الاختبار أن يمضوا الأسبوع كاملاً دون خروج من الحي ودون استخدام مكيفات أو مرشحات أو كمامات أو أية مساعدات.
ثالثاً : ينتقل المتأهلين من المرحلة الثانية إلى الاختبار الثالث وهو العيش أسبوعاً كاملاً في الأغوار الجنوبية صيفاً في بيوت عادية مزودة فقط بمراوح سقف نص عمر مع ضرورة التجول ساعة على الأقل ظهراً في المزارع، وفي الشتاء العيش أسبوعاً كاملاً في قادسية الطفيلة في بيوت عادية مع مدفأة علاء الدين موديل 1980 وأن يكون من مهامهم الخروج فجراً والتجول في المنطقة. ومعيار النجاح قضاء الأسبوع كاملاً دون مغادرة المنطقة والعيش كما يعيش أهل المنطقة العاديين.
رابعاً: وهذه المرحلة هي الأهم وتوجب أن يُسلم لكل مرشح خمسين رأس ماعز (سمار) وأن يرعى بها هو نفسه في البادية الشرقية الشمالية الأردنية مدة شهر كامل دون أية مساعدات أو أعلاف. ومعيار النجاح أن يقضي المدة كاملة وتحت المراقبة، وعدم ضياع أي رأس ماعز أو موته، وأن تزداد أوزان الماعز أو على الأقل لا تنقص.
ولعل المرحلة الرابعة هي الأهم ويمكن أن يُكتفى بها عند الضرورة وفي حالة العجلة لتشكيل الحكومة.
وصراحة كل ما سبق سهل التنفيذ ولكن هناك سؤالان يبحثان عن إجابة:
الأول: كم مرشحاً يجب أن أختار بصفتي رئيس وزراء حالم لتشكيل حكومة من خمسة وعشرين وزيراً ؟ هل يكفي ألف مرشح أم ألفين أم خمسة أم ... ؟
الثاني : لو خضعت أنا شخصياً بصفتي رئيس وزراء افتراضي لذات الاختبارات هل أنجح ؟؟
الإجابة عندكم ..... وسلامتكم ...