تعديل قانون محكمة امن الدولة ترجمة واعية ورصينة للتعديلات الدستورية
المدينة نيوز- اجمع سياسيون على ان تعديل قانون محكمة امن الدولة استنادا الى التوجيهات الملكية السامية هو ترجمة واعية ورصينة للتعديلات الدستورية , وان هذه الخطوة الاصلاحية لاقت تفاعلا ايجابيا لدى القيادات الحزبية والقوى المعارضة على طريق تحقيق النهج الاصلاحي الشامل .
واكدوا ان حصر اختصاص محكمة امن الدولة يزيد من قوة ومنعة النظام القضائي الطبيعي ويحمي الحريات العامة وهو قبل ذلك كله التزام وحرص على تطبيق احكام الدستور .
وبينوا ان قوى المعارضة الوطنية تتفاعل بارتياح مع الخطوات الاصلاحية الايجابية وهذا يدل على تميز للانموذج الاردني في المنطقة حيث تتعاظم القواسم المشتركة والجوامع بين جميع فئات واطياف المجتمع ازاء مصلحة الوطن .
القيادي في حزب جبهة العمل الاسلامي الدكتور عبد اللطيف عربيات اعتبر التوجيه الملكي السامي باجراء تعديل على قانون محكمة امن الدولة بانه استمرار للتطور التشريعي عبر مسيرة المملكة منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي ، موضحا ان هذا التطور شمل المجالس الاستشارية والتشريعية ثم المجالس النيابية .
ووصف هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح وهي تطور مطلوب وعنوان للعدالة وتقدم المجتمع متمنيا ان تزول كل معاني العرفية القديمة .
واشاد الدكتور عربيات بالتوجه الجديد بان لا يحاكم المدنيين الا مدنيون معتبرا انها اضافة جديدة وجيدة قائلا : انها صحيحة واستكمال لما تم في السابق ، فالمحكمة المدنية تحاكم المدنيين , والعسكريون تحاكمهم محكمة عسكرية.
رئيس لجنة التربية والثقافة والشباب في مجلس النواب الدكتور بسام البطوش قال ان الاوساط السياسية وقوى المعارضة والتي تؤشر بايجابية لاي قرار اصلاحي تلقت هذا التوجيه الملكي والعزم على تعديل قانون محكمة امن الدولة بارتياح وتقدير .
وقال ان شأن مثل هذه الخطوات الاصلاحية الكبيرة والمهمة ان تؤدي الى حوار وطني مستدام يعزز حالة التوافق ويعظم القواسم المشتركة والجوامع ويصغر القضايا الخلافية نحو بناء ديمقراطي متين يليق بالاردن والاردنيين جميعا .
وتابع : وفي هذه الخطوة تكمن رسالة سياسية توجهها الدولة الاردنية الى جميع القوى الوطنية في ظرف اقليمي صعب بان النموذج الاردني يبقى مختلفا ومتميزا تجمع ولا تفرق ومهتمة بان تبقى كل الاطياف السياسية اجزاء اصيلة في الحالة الوطنية العامة .
واضاف الدكتور البطوش ان هذه الخطوة اصلاحية متقدمة على طريق طويل من الاصلاح المقبل المرتجى واضافة نوعية لتعزيز الحق المدني للمواطن خاصة في قضايا الحريات والتعبير عن الرأي .
نقيب المحامين الاردنيين سمير خرفان قال ان نظرتنا الى القضاء العادل والمستقل والموحد هو العنوان الحقيقي للديمقراطية الصحيحة وللحريات في الوقت ذاته , لذلك جاءت توجيهات جلالة الملك خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح للوصول الى الديمقراطية الحقة ونأمل بان تصبح التخصصات التي حددت بامن الدولة من ضمن اختصاص القضاء النظامي والطبيعي مستقبلا وهو الذي يمثل السلطة القضائية .
وقال ان هذه الخطوة تأتي ايضا باتجاه التوجه مستقبلا لعدم تشكيل المحاكم الخاصة والاستثنائية وتحقيق الهدف من اجل ان يشعر المواطن بالاطمئنان الكامل بانه يحاكم امام سلطة قضائية مستقلة لا سلطان عليها الا القانون وضمير القاضي.
واضاف خرفان : اما القضايا التي تم تحويلها ضمن قضايا الجرائم الاقتصادية وما زالت قيد النظر فان الاصح ومنذ تاريخ تعديل قانون محكمة امن الدولة احالتها الى المحاكم النظامية فورا وانتزاع الاختصاص من محكمة امن الدولة , اذ ان استمرار ذلك يعني مخالفة للقانون الجزائي واذا كان هذا الموضوع مدار خلاف فان المحكمة الدستورية قادرة على البت في هذا الامر .
وقال ان الحراكات الشعبية والاحزاب المطالبة بالاصلاح عدت هذه الخطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح , والمطلوب منها الآن التقاط العبرة الاساسية من هذا القرار وهو تطبيق القانون الطبيعي وان نعمل جميعا على تحقيق النهج الاصلاحي المتطور الذي يسير به الاردن بكل ثبات وقوة.
وزير العدل سابقا الدكتور ابراهيم العموش قال ان تعديلات الدستور تضمنت لعام 2011 تعزيزا لحقوق الافراد وحرياتهم , ومن بين هذه الحقوق حق المحاكمة امام محاكم قضاتها مدنيون ، فالقضاء المدني هو الولاية العامة في اصدار الاحكام القضائية على الافراد وفي جميع المسائل الجزائية والمدنية .
واضاف : انشئت محكمة امن الدولة كمحكمة خاصة بموجب قانونها الصادر عام 1959 , وبموجب المادة 101/2 من الدستور لا يجوز محاكمة شخص مدني في قضية جزائية , الا امام محكمة جميع قضاتها مدنيون ، وهذا هو الاصل الدستوري ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والارهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة , فهذه الجرائم يمكن محاكمة المدنيين عنها امام محكمة قضاتها عسكريون.
وزاد : ان توجيهات جلالة الملك بتعديل قانون محكمة امن الدولة وحصر صلاحياتها في الجرائم المذكورة هو اصرار ملكي على تطبيق احكام الدستور , وبالتالي تنفيذ استحقاق دستوري ، فالمادة 128/2 من الدستور توجب تعديل القوانين السارية المفعول بما في ذلك قانون محكمة امن الدولة بما يتفق مع التعديل الدستوري خلال ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ التعديل المذكور .
وقال الدكتور العموش ان الحرص الملكي على تعديل قانون محكمة امن الدولة هو حرص على صيانة وحماية حقوق الافراد .
وبين ان اهمية تعديل قانون محكمة امن الدولة تظهر في ان المدنيين في غير الجرائم المستثناة والمحددة حصرا في المادة 101 من الدستور سيحاكمون امام القضاء المدني او امام محاكم قضاتها مدنيون ويخضعون في ذلك لاصول المحاكم كافة , ومن ذلك ان التقاضي يكون على ثلاث درجات, بداية واستئناف وتمييز تبعا لنوع الجرم المرتكب.
استاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بالجامعة الاردنية الدكتور ليث نصراوين قال ان التوجيهات الملكية لتعديل قانون محكمة أمن الدولة جاءت تماشيا مع المطالب الاصلاحية الشعبية والسياسية لاعادة النظر في اختصاصات هذه المحكمة التي لم يعد هناك مبرر لبقاء اختصاصاتها الحالية حيث انها انشئت في فترة بعد الاحكام العرفية في العام 1959 لمواجهة الظروف الاستثنائية في تلك الفترة , وانه ومع الغاء الاحكام العرفية في العام 1992 فانه لم يعد هناك مبرر للابقاء عليها بصيغتها الحالية .
واضاف ان تعديل قانون محكمة امن الدولة وحصر اختصاصها بالجرائم الخمس الواردة في المادة 101 من الدستور الاردني هو تصنيف المبدأ القانوني ان الاصل في الولاية العامة هو للقضاء النظامي والاستثناء يكون في المحاكم الخاصة.
رئيسة لجنة الحريات العامة في مجمع النقابات المهنية ونقابة المحامين المحامية نور الامام اعتبرت قرار اجراء التعديل خطوة صحيحة في مجال استكمال الاصلاحات التشريعية والسياسية .
وقالت انها حالة من حالات مواءمة قانون محكمة امن الدولة مع التعديل الاخير للمادة 101 من الدستور بحيث اصبح النص اكثر انسجاما مع التشريعات الدولية الخاصة بالمواثيق الدولية .
وبينت انه لغايات ضمان اكبر لتأمين معايير المحاكمة العادلة يجب العمل على احالة القضايا الى القضاء النظامي ، كونه صاحب الولاية العامة التي يحاكم فيها المدنيون امامه .
وقالت الامام : لكن لغايات ضمان معايير المحاكمة العادلة فانه يجب النص ضمن قانون محكمة امن الدولة المعدل على حصر سلطة الاتهام والمتمثلة بالادعاء العام والتحقيق الابتدائي مع المدنيين على ان تكون ابتداء مع المدعي العام النظامي .
الوزير سابقا الدكتور كمال ناصر قال ان توجيه جلالته يسجل استمرارا في مشروع الاصلاح ويأتي انسجاما مع المادتين الدستوريتين 101 و128 .
واضاف ان تعديل قانون محكمة امن الدولة يعكس الارادة في توسيع مظلة القضاء النظامي ومحاكمة المواطن امام القاضي المدني كما يعتبر امتدادا للتعديلات الدستورية ويؤكد على وجوب حماية الحريات وتوسيع هامش حقوق الانسان.
ويشير الى ان التوجيه الملكي يشكل ارادة سياسية في الاستمرار نحو توسيع شبكة الاصلاحات والقضاء وحماية المواطن ويعتبر ترجمة واعية ورصينة للتعديلات الدستورية التي اجريت سابقا .
المحامي الدكتور عمر الجازي قال ان التوجيه السامي هو خطوة في الاتجاه الصحيح وياتي استكمالا للتعديلات الدستورية .
وبين ان اعلان رئيس الوزراء لهذه التوجيهات يأتي حسب الدستور اذ ان الحكومة مسؤولة عن تصويب اوضاع القوانين ضمن الوقت الدستوري المحدد .
( بترا )
