«ميموتو».. كاميرا قابلة للارتــداء تُسجل الأحداث آلياً

المدينة نيوز- يحرص البعض على تدوين مذكراته بشكل يومي، أو يكتفي بتسجيل الأحداث المهمة، وهي عادة ليست بالجديدة، ربما تغذيها الرغبة في مواجهة النسيان، ومحاولة إبقاء اللحظات المؤثرة في الذاكرة.
ومع انتشار الكاميرات، فقد أصبحت وسيلة إضافية للتوثيق، وهو الأمر الذي شهد توسعاً كبيراً مع الكاميرات الرقمية والهواتف الذكية، فيشارك البشر كل يوم ملايين الصور للأحداث المهمة والعادية، إذ يمكن الحديث عن التواصل من خلال الصور والبريد الإلكتروني المتزايد تجاه التدوين البصري، لدرجة تجعل البعض حريصاً على التقاط الصورة قبل أن يمنح نفسه الوقت لتأمل المشهد الماثل أمامه، والاستمتاع به.
وربما يكون هذا الجمهور المفتون بالاحتفاظ بذاكرة بصرية عامرة لحياته، هو الجمهور الأنسب لكاميرا «ميموتو»، وهي كاميرا صغيرة مربعة الشكل قابلة للارتداء، فيمكن شبكها مع الملابس، أو ارتداؤها على هيئة عقد في الرقبة، لتقوم «ميموتو» بمهمتها دون أي تدخل، وتلتقط صورة كل 30 ثانية أي صورتين في الدقيقة على مدار اليوم، وهي كاميرا لا تتضمن أي زر للتشغيل أو الإطفاء، وتتوقف فقط حال وضعها في مكان مظلم مثل الجيب مثلاً.
ومع منتج مثل هذا، خصوصاً مع اقتراب وصوله إلى 4000 مشترٍ في خريف العام الجاري، فإنه يمكن توقع مخاوف كثيرة محيطة باستخدامه، والأسئلة حول جدواه وتعديه على خصوصية الآخرين وتأثيره في العلاقات الاجتماعية، وتوفيره فرصاً للمراقبة على نطاق واسع، وهو النقاش المعتاد مع كثير من المنتجات التقنية الجديدة، خصوصاً ما يُعرف بالتقنيات القابلة للارتداء مثل «نظارة غوغل» وغيرها.
وطورت «ميموتو» شركة سويدية ناشئة تحمل الاسم ذاته، وطرحت في أكتوبر 2013 حملة عبر موقع «كيكستارتر» للتمويل الجماعي، بهدف جمع 50 ألف دولار للبدء في الإنتاج، وهي الحملة التي حققت نجاحاً مبهراً وجمعت ما يزيد على 550 ألف دولار.
ويقترب حجم كاميرا «ميموتو» من جهاز «آي بود»، وهي مربعة الشكل بطول 3.6 سنتيمترات، وبارتفاع تسعة مليمترات فقط، وتلتقط الكاميرا الصور بدقة (5) ميغابيكسل، وتسجل بيانات الموقع الجغرافي لكل صورة وتوقيت التقاطها، كما زُودت بمقياس للتسارع يضبط اتجاه التصوير أياً كانت طريقة ارتدائها، وتشتمل على بطارية تدوم يومين، ويمكن شحنها من خلال توصيلها بمنفذ «يو إس بي» في الكمبيوتر.
وتخزن «ميموتو» الصور تلقائياً، وتصنفها بحسب الموقع الجغرافي والتوقيت ودرجة الإضاءة، ويمكن للمستخدمين تصفح صورهم من خلال البحث بالمكان، أو من خلال «الخط الزمني»، وفيه تُصنف الصور في مجموعات ضمن الأحداث الرئيسة لليوم، بصرف النظر عن الوقت الذي تستغرقه، سواء كان ساعات أو بضع دقائق؛ ومثال ذلك أنها تجمع معاً صوراً أثناء العمل، وأخرى لتناول الغداء، ومجموعة ثالثة لزيارة حديقة عامة، وهكذا.
وتتيح «ميموتو» تخزين الصور سحابياً، فبمجرد توصيل الكاميرا بالكمبيوتر المتصل بالإنترنت، تنتقل الصور إلى الخادم، ما يمكن استعراضها بالطريقة السابقة، واختيار مشاركة بعضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر»، كما ستتيح الشركة تطبيق «ميموتو» للهواتف الذكية العاملة بنظامي «آي أو إس» و«أندرويد»، لتصفح الصور ومشاركتها.
وتؤكد الشركة تشفير الصور وقصر الاطلاع عليها على صاحبها، كما لا يتضمن النظام أي خيار لنشر الصور تلقائياً عبر الشبكات الاجتماعية.
وتتيح الشركة تخزين الصور نظير اشتراك شهري ثابت يبلغ تسعة دولارات، مع تقديم العام الأول مجاناً، جزءاً من سعر كاميرا «ميموتو» البالغ 279 دولاراً (نحو 1025 درهماً).
وترى الشركة أن اختيار التخزين سحابياً يوفر المساحة الكبيرة التي تحتاجها الصور، فبافتراض عمل الكاميرا على مدار ساعات اليوم، فإن هذا يعني الحاجة إلى (4) غيغا بايت لحفظ صور اليوم الواحد، وتصل السعة التخزينية المطلوبة خلال عام من الاستخدام إلى 1.5 تيرا بايت.
وتتوافر «ميموتو» بثلاثة ألوان هي: الأبيض، والبرتقالي، والرمادي، كما تخطط الشركة مستقبلاً لإضافة مزايا أخرى مثل غطاء مقاوم للماء، وعدسة بزاوية واسعة، والاتصال اللاسلكي بالإنترنت «واي فاي»، إضافة إلى إتاحة واجهة برمجية تسمح بتطوير تطبيقات تستفيد من عمل الكاميرا.
ويجمع اسم «ميموتو» بين كلمتين هما «ذاكرة» و«أتوماتيكية»، في إشارة إلى دورها في التسجيل البصري للذكريات. ويرى المؤسس المشارك، أوسكار كالمارو، في «ميموتو» خياراً مناسباً للأشخاص البارعين في استخدام التقنية، ويفتقرون إلى مهارة تدوين اليوميات»ا.
أما المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «ميموتو»، مارتن كالستروم، فيشرح ميزة الكاميرا بقوله إن «الناس عادةً يلتقطون الصور في أحداث معينة، إذ يرتدون أفضل ملابسهم ويبتسمون أمام الكاميرا، بينما الحقيقة أن لا أحد يدري أي اللحظات ستكون مهمة وستؤثر في حياتهم بأكملها». وتُثير وظيفة «ميموتو» في التقاط الصور دون توقف، ودون أن يدري الناس بوجود كاميرا تلتقط عشرات الصور في الساعة الواحدة كثيراً من المخاوف، ففضلاً عن احتمال التعدي على خصوصية الآخرين، قد يصيب البعض بالضرر مثل التقاط صور لأشخاص يخفون هويتهم عن قصد ضمن برامج حماية الشهود.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، يرى البعض في كاميرا «ميموتو» اقتراباً من خيال مروع صورته أعمال أدبية وفنية، بخضوع الناس للمراقبة بشكل مستمر، مثل شاشات الرصد التي وصفها الأديب البريطاني، جورج أورويل في روايته «1984»، وكان من بين دورها رصد حركات وسكنات الناس، ومراقبتهم طيلة اليوم في العمل والمنزل والشارع.
ويعتقد الباحث في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، ستيفن سافاج، اختلاف تقدير المساحة الخاصة بين الأفراد؛ فما يرى فيه البعض تعدياً عليهم قد لا يراه الآخرون كذلك.
بدورها، اعتبرت خبيرة الثقافة الرقمية في جامعة استوكهولم، ليزا إهلين، أن كاميرات «تسجيل الحياة» هي البداية فحسب، ضمن توجه لاستخدام التقنيات الحديثة والقابلة للارتداء في «القياس الكمي للذات»، بهدف جمع بيانات عن جوانب من الحياة اليومية للأشخاص، مثل الاستهلاك والصحة والحالة النفسية.
في المقابل، يرى فريق «ميموتو» أنها أداة لجمع وتسجيل الذكريات ولا تنتهك خصوصية الآخرين، وذكر مارتن كالستروم لموقع «ماشابل» أن الكاميرا منتج جديد في مقابل عدم تطور الأعراف الاجتماعية بالقدر الكافي.
" الامارات اليوم "