القتل لا يعطي الطمأنينة !

تم نشره الأحد 13 أيلول / سبتمبر 2009 03:07 صباحاً
القتل لا يعطي الطمأنينة !
خالد محادين

عاما بعد عام، وعقدا بعد عقد، وقرنا بعد قرن، ستظل البشرية تتوقف أمام السنوات العشر الاولى من الالفية الثالثة، حيث قرر الاقوياء أن القتل هو الوسيلة المناسبة والوحيدة للتعامل مع الضعفاء وان الأمن والطمأنينة واحترام حق الاخر وبناء الديموقراطية انما تتحقق مجتمعة بالقدرة اللاخلاقية على ذبح الاخرين، وبالقوة العمياء القادرة على الفتك بهم وابادتهم، دون التوقف لحظة واحد امام تجارب بلا عدد، تؤكد ان انتهاء رحلة الصيد وفناء المستهدفين بالموت وبقاء أكوام من الرصاص غير المستعمل يفتح الباب امام الصيادين لتبادل الموت.

حدث هذا بعد هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام وعودة مقاتلين مهزومين من غابات هذا البلد العظيم وبدء حرب أهلية لا يوفر فيها هؤلاء المقاتلون زوجاتهم وابناءهم وجيرانهم وزملاءهم ومواطنيهم في المكاتب والشوارع، وبدأت الان هذه العملية السوداء وخاصة في امريكا مع عودة آلاف وعشرات الالاف من الجنود الذين مارسوا القتل في الصومال وفي افغانستان وفي العراق، وترسخت هذه الهواية في صدورهم وعقولهم مع امراضهم النفسية، ولا بد ان يجدوا انفسهم مضطرين للاستمرار في ممارسة الهواية في وطنهم وبين مواطنيهم.

في 11 سبتمبر - أيلول - وجه اعداء واشنطن ضربتين قاسيتين لرمزي قوتها الاقتصادية وقوتها الحربية، في قصف مقر وزارة الدفاع في واشنطن ونسف مركزي التجارة العالمية في نيويورك، وبدلا من الوقوف مع الرماد وجثث القتلى وسحب الدخان والبحث عن المسبب، جاء قرار الولايات المتحدة بقتل الف عدو في مقابل قتل ثلاثة آلاف اميركي، وتؤكد الارقام ان ضحايا غزو افغانستان والعراق بلغ ثلاثة ملايين انسان، ولكن الثأر الاسود لم يؤخذ بعد، والخلاف في الولايات المتحدة وحلفائها من اعداء العرب والمسلمين ليس على الهدف وهو قتل المزيد وانما على الوسيلة والاداة.

والسؤال: هل استعادت الولايات المتحدة ما اعتقدت انها فقدته من هيبتها بعد اعوام من مواصلة حربها على الشعب الافغاني، وبعد اعوام من استمرار عدوانها على الشعب العراقي، الاجابة بالتأكيد لا، وفي علم النفس الاجتماعي فان ما يحققه التسامح من قوة وهيبة هو اضعاف ما يمكن ان يحققه القتل والثأر، فالتسامح يمنحك الاحساس بالقوة النظيفة، بينما الانتقام يجعل منك معلما نشطا في تعليم وتربية ابناء واحفاد القتلى على الحقد والثأر والانتقام، وهذه هي اسلحة الدمار الشامل التي لا يمكن ابطال مفعولها بالدبابات والصواريخ والبوارج والمشاة والاستخبارات والحصار والتجويع، والحرب على الشعوب هي حرب الساسة وليس حرب الشعب، لهذا تصاعدت وتتصاعد ارقام الرافضين لبقاء مئات الآلاف من الجنود الاميركيين والاوروبيين وحلفائهما للاستمرار في الغزو والعدوان وتكبد المزيد من اعمال القتل والارهاب والتدمير والابادة.

عندما انهار البرجان في نيويورك، وتم تدمير جزء من وزارة الدفاع الاميركية في واشنطن، بدأت حرب تشويه وحرب تعذيب وحرب مطاردة وحرب قهر ضد الاسلاميين، لكننا نجد انه خلال اقل من عشرة اعوام، يجد الغرب كله نفسه في مواجهة ما يعتبره اخطر اعدائه وهو الاسلام فالاوربيون والاميركيون يتحدثون بخوف وربما برعب عن ان الاسلام يدق على ابوابهم وان الداخلين فيه يتضاعفون مع كل تصعيد ضده ومع كل وقوف لاميركي او اوروبي مع حقيقة ان الحملة على الاسلام وعلى المسلمين تقوم على سلسلة من الاكاذيب تكشف نفسها بنفسها رغم ضخامة الماكنة الدعائية والاعلامية، وعندما يعلن في بريطانيا ان اسم ''محمد'' هو ثالث اسم في الانتشار بين ابناء البريطانيين وانه قد يحتل المرتبة الاولى خلال سنوات قليلة، وعندما يبدأ حديث الاوروبيين عن اوروبا مسلمة خلال قرون، وعندما يأخذ بعض هؤلاء وبعض اولئك بارسال اطفالهم الى المدارس الاسلامية، فانهم يعلنون صراحة ان مجتمعاتهم فاسدة وانهم في حاجة الى تربية ابنائهم تربية انسانية تحميهم من الانحراف واليأس والانتحار والجرائم.

واليوم سواء في اميركا او اوروبا، يظل القادة العسكريون يتحدثون عن حربهم الطويلة ضد الارهاب، ودون ان يقدموا للمجتمع الدولي تعريفا لهذا الارهاب، ثم اذا ارسلوا الى التقاعد بدأوا بتأليف الكتب والكتابة في الصحف والقاء المحاضرات عن حرب تخاض ضد اشباح، وعن جهد يبذل بصورة مباشرة وغير مباشرة لملء صدور الشعوب وعقولهم وقلوبهم بالكراهية والحقد والاستعداد لشراء الجنة مقابل حفنة دم تسيلها رصاصة او شظية او طائرة او مدفع، وهو ما يعرفه كل اعداء الشعوب ولكنهم يرفضون عنادا وغطرسة وغرورا الوقوف معه، وجعل المحبة بين الناس قادرة على محاصرة القتلة، ومنعهم من غزو الاخرين وقتلهم والسعي الى اذلالهم.

kmahadin@hotmail.com.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات