مشعل إذ يزفّ البشرى
بنبرة واثقة تكاد تبدو أقرب إلى زفّ البشرى تحدث خالد مشعل عن الجلسة القادمة للحوار الفلسطيني في القاهرة، بل إنه استخدم قاصدا تعبير "اللقاء الوطني" للتوقيع والإعلان عن المصالحة، حتى لا يبقى شك لدى أحد أن القادم ليس جولة حوار أخرى من النوع الفاشل كالعادة بل لقاء مصالحة في ضوء ما أنجز على أساس الورقة
المصرية الأخيرة.
وبحسب مشعل يعكف المصريون في ضوء ردود الفصائل على إعادة صياغة الورقة المصرية صياغة نهائية تعرض على اللقاء القادم ليس للحوار عليها بل لتوقيعها.
من الصعب أن يغامر مشعل بزفّ هذه المعلومة، أي أن الاجتماع القادم سيشهد التوقيع على الوثيقة لولا أن حماس اطّلعت على التعديلات المقترحة ورضيت عنها أو على الأقلّ رضيت عن معظمها، وما تبقى قضايا أقلّ شأنا وقابلة للمتابعة لكنها لن تصنع من أجلها مشكلة.
وربما كذلك الأمر بالنسبة لفتح.نأمّل أن يكون مشعل قد قصد تماما ما بدا أنه رسالة للعموم تقول إن الاتفاق بات باليد. فهذا أجمل من أن يصدّق بالنظر لتجربة لا تترك بابا للتفاؤل، وكلنا فضول أن نفهم سرّ الانفراج الذي حصل.
لا نعتقد أنها النصوص أو الصيغ وحدها التي أتت في الورقة وتعديلاتها.
يجب أن يكون هناك تحليل ورؤية قربت حماس من الحلّ، وأنا لا أعوّل كثيرا على الربط دائما بالإطار الإقليمي وما يجري بين "عواصم القرار" أي على الطريقة اللبنانية حيث لا تمطر في بيروت إلا إذا مرّ السحاب فوق طهران ودمشق والرياض.
لا بدّ أن حماس إضافة إلى حصولها على ترتيبات انتقالية معقولة تكرست لديها قناعة أن سلطة منفردة في غزّة تواجه مستقبلا مسدودا لا جدوى من المضي به.
أمّا بالنسبة لعباس وفتح فإن أي ترتيبات لن تضير ما دامت ستنتهي بانتخابات تعيد إنتاج الشرعية على كامل الأرض الفلسطينية.
ومن المؤكد استنادا إلى الورقة المصرية الأساسية أن الترتيبات ستتسم بدرجة من الغموض "البنّاء" يحيل التفاصيل التي تختفي فيها الشياطين إلى اللجان المشتركة. وبهذا يمكن أن نتوقع الحفر وراء كل زاوية، وسيكون الأمر مقبولا على كل حال إذا كان موعد الانتخابات محددا ولا يقبل إعادة النظر.
الأزمة فقط بل دائما، فمن العبث الاعتقاد أن الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها فتح وحماس يمكن أن تجد التوافق على السياسة وعلى المصالح اليومية في كل وقت. هذا مستحيل، ولا يمكن تعليق وحدة الوطن الفلسطيني على "الإجماع" هذا لم يحدث ولن يحدث، لكن يجب أن يتاح لكل طرف أن يكون حاضرا وحرّا في التعبئة بموقفه السياسي وضمان حق التعدد والصراع على الأفكار (وعلى سلطة القرار) بطريقة عادلة للجميع.
القاسم المشترك الأكبر هو انتخابات حرّة ونزيهة على كل المستويات بما في ذلك المجلس الوطني الفلسطيني وإدارة ديمقراطية تتسم بالاستقامة والشفافية للسلطة الفلسطينية.