طريقك يا ولدي مسدود مسدود

على الطريقة الفلسطينية يحتاج خبر اجراء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في واشنطن الى (زغروته) فلقد تمخض (جبل اوباما الى فأر) وعندما فشل في ركوب الحمار قفز على بردعته, كما يقول المثل.

الاحتمالات كبيرة بان تتحول المفاوضات التي سيجريها ميتشل مع الوفدين على انفراد الى مفاوضات مباشرة. وبهذا يكون نتنياهو قد نجح تماما في تجاوز شرط وقف الاستيطان وتجميده مقابل استئناف المفاوضات الذي اصرت عليه الادارة الامريكية خلال الشهور الماضية.

التساؤل البديهي: اذا كان الرئيس الامريكي قد فشل في تطبيق البند الاول من خارطة الطريق وهو وقف الاستيطان مقابل اجراءات الامن الفلسطينية فان المراهنة على ان المفاوضات الجديدة ستحقق اختراقات في قضايا الوضع النهائي مثل حدود الدولة الفلسطينية, والقدس, والاستيطان, هي نوع من احلام اليقظة واوهام الحركة والانجاز.

ما يوجع القلب ويدمر الوعي ويدمي الضمير, ان هذا الفشل المدوي (الامريكي- الاوروبي- العربي) في اجبار نتنياهو على وقف الاستيطان يأتي في ظل مواجهة على الارض بين مجموعات صغيرة من الشعب الفلسطيني وبين قوة اسرائيل (الدولة والاحتلال) حيث تتصدى الجماهير العزلاء, بصدورها, لمشاريع تهويد القدس وسط صمت متواطئ من الجميع, بدءا بالعرب وانتهاء بالمجتمع الدولي المنافق.

هناك معركة غير متوازنة على الارض المقدسة, بين هجمة استيطانية عنصرية وحشية, وبين شعب مقدسي اعزل يحاول الدفاع عن منازله وكرامته ومقدسات العرب المسلمين والمسيحيين. فيما ينال المعتدي الجوائز في نيويورك وواشنطن بالخضوع لشروطه (مفاوضات من دون شروط) بل والانسياق وراء اجندته الخاصة في تحويل انظار العالم عن جرائمه وتصوير ايران وليست اسرائيل التي تهدد الامن والاستقرار العالميين.

لا حصاد للدبلوماسية العربية في الجمعية العامة للامم المتحدة غير الفشل, وقبضة دعايات عن معارك دونكشوطية لم تسفر الا عن اجبار الفلسطينيين على الزحف على ركبهم الى مفاوضات مع حكومة نتنياهو تحت تصفيق باراك وليبرمان وانجازات (القمة الثلاثية) سيئة الذكر.

لم يبق امام الجماهير العربية, وكُتّاب من امثالنا, الا شتيمة امريكا واسرائيل. بعد ان رضيت الدبلوماسية العربية (من الغنيمة بالاياب) وكان اضعف الايمان, خلال وجود وزراء الخارجية في نيويورك, ان يحشدوا حملة دبلوماسية مكثفة بمطالب قوية لعقد جلسة فورية لمجلس الامن الدولي تبحث هجمة الاستيطان الشاملة على القدس والضفة الغربية, (1) من اجل جذب انظار الرأي العام الدولي وحشده ضد سياسات الاحتلال العنصري الاستيطاني الاحلالي. (2) من اجل وضع مواقف اوباما وساركوزي وبراون في الاختبار, فاذا كانوا فعلا صادقين بالقول بان الاستيطان غير شرعي, فان ترجمة ذلك ستكون من خلال ما يتخذون من مواقف في مجلس الامن عند بحث قضية الاستيطان في القدس.

مثل هذا الاختبار, لو حدث, هو امتحان آخر لاستخلاص الدروس, فلسطينيا وعربيا, عن مدى جدية الالتزام الامريكي والاروربي باقرار سلام عادل ومقبول في الشرق الاوسط. دروس قد توفر على السياسة العربية الجهد والمال البحث العبثي عن (السلام السراب). وباستعارة (قارئة الفنجان) من اشعار نزار قباني فإن طريق (خارطة الطريق) يا ولدي مسدود مسدود.0