هل اتعظ البعض من دروس ازمة البورصة سنة 2005

ما زال الكثير من صغار المساهمين والمستثمرين في سوق رأس المال يعانون لغاية يومنا هذا الأمرين مما حدث في البورصة سنة 2005 عندما أزلق المتعاملون حينها وراء اشاعات قادتها مجموعة من المضاربين المخربين والتي آلت في النهاية الى انتكاسة للجميع من دون استثناء.
في تلك الفترة المشؤومة في سوق رأس المال استطاعت فئة من المضاربين التلاعب بأسهم الشركات من خلال عمليات زيادة رأسمالها والتي ادت في النهاية الى موجة صعود غير منطقية للسهم بفعل عمليات شراء واستحواذ وهمية أدت في المحصلة الى "تلبيس" المتعاملين وصغار المساهمين الاسهم بأسعار كبيرة غير حقيقية علما انها لا تساوي ذلك, بدليل انها سرعان ما هوت بعد هروب المضاربين وبيع اسهمهم.
اليوم يمارس هؤلاء المضاربون الذين باتوا يشكلون عناوين "الهمبكة" في السوق نفس السلوكيات السابقة في محاولة لاستعادة امجاد المضاربة وتلبيس المواطنين وصغار المساهمين طواقي الاشاعات التي بدأوا يروجونها.
اعمال هؤلاء المضاربين تتجه اليوم لزيادة رأسمال احدى الشركات بأكثر من 36 ضعفا تخصص غالبية 95 بالمئة من اسهم الزيادة لاحد الشركاء الذين يعمل الآن على المضاربة على اسهم محفظته بقيمة اعلى من قيمتها الحقيقية ثم جرى تقييمها على ضوء السعر الجديد العالي الذي يكون صغار المساهمين قد حملوه, وبعدها يبدأ ببيع اسهمه تدريجيا بعد ان يكون قدم تمويلا نقديا بوساطة احد البنوك الذين يمنحوه لانه سيقدم لهم قرارا من مجلس الادارة بشراء الاسهم من قبل الشركة التي من المعروف لدى الجميع انها لا تمتلك أية مقومات لتوزيع ارباح على المساهمين وان زيادة اسعار السهم ليست والا وليدة مضاربات من فئة محدودة من المضاربين الذين تواطأوا فيما بينهم للقيام بهذا العمل المشين.
قبل اشهر قليلة اتخذت هيئة الاوراق المالية سلسلة قرارات رادعة بحق مجموعة من المتعاملين الذين ثبت تورط البعض منهم بأعمال مضاربة سلبية في البورصة, وعلى ما يبدو ان بعضهم لم يتعظ بكواليس هذا القرار, وان التلاعب بصغار المستثمرين والمساهمين هو جريمة اقتصادية مرتبط بالامن العام للمملكة, وسيبقيه على رأس اولويات هيئة الاوراق المالية المنظم والمراقب لاداء السوق والتحقق من سلامة مدخلاته ومخرجاته.
زيادة رأسمال الشركات ليست مسألة عادية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والتي تتسم بشح السيولة, لذلك من المفترض ان يكون هناك تحقق من مدى قدرة الشركة على زيادة رأسمالها بالطرق السليمة والتأكد ايضا من دراسة الجدوى الاقتصادية, وعدم التهاون مع اولئك الذين باتوا معروفين في السوق بأن لا هم ولا مصلحة لهم سوى جيوبهم بغض النظر عما يلحقوه من اذى بالمتعاملين وصغار المساهمين.
ان سعي البعض باستغلال القانون وتوظيفه من خلال زيادة رأسمال الشركات بشكل مثير للتساؤل يتطلب من هيئة الاوراق المالية التشدد فيما يتعلق بأسهم الزيارة في رأس المال ومعاملتها مثل الاسهم التأسيسية والتشدد كذلك في مسألة التقييم العادل للسهم, وقد اثبتت الهيئة في كثير من الحالات انها كانت بالمرصاد للراغبين في الثراء السريع وتلبيس المواطنين اسهما بأعلى من قيمتها الحقيقية.
ان تشدد الهيئة في التعامل مع قرارات الشركات المساهمة العامة في زيادة رأس المال عن طريق ادخال شريك استراتيجي او الاكتتاب الخاص هو حماية للسوق وضبط ايقاع التوسع الرأسي للشركات وعدم تكرار حالات تمت في الاعوام الماضية التي كان الهدف الرئيسي من رفع رأس المال التأثير على سعر السهم والتصرف بالاسهم بيعا وشراء حال ادراج اسهم الزيادة في السوق.0