أبــــو عـــين حمـــــرا..

... صدقوني ان مقابلة جلالة الملك هذه المرة تمت وجها لوجه، لم يحدث الأمر كما ينص عليه البروتوكول في مكاتب الزعماء العرب، وهو ارسلوا لنا الاسئلة وسنرسل لكم الاجوبة.. وصدقوني لو كنت رئيسا للتحرير في صحيفة عربية لترددت في نشرها ذلك اني لم ار في حياتي رجولة في الموقف مثل تلك الرجولة.
... خفنا اسرائيل على مدار خمسين عاما وكنا اكثر حذرا.. نحن نملك (600) كيلو متر كحدود معها وهم يملكون (240) رأسا نوويا، ونحن نملك بلدا محدود الامكانات والموارد وهم يملكون جيشا جرارا.. وقد قيل ان ميزانية الدفاع لديهم وحدها قد تتجاوز المئة مليار واكثر.
... زمن الحسابات ولى الى غير رجعة وزمن الجمل المنتقاة والعبارات المنمقة والخوف من اسرائيل ايضا طمر في التراب واتحدى أي زعيم في العالم يملك ظرفنا ووضعنا.. ويملك حدودا مع اسرائيل وتهدده كل يوم بان يكون الحل على حسابه بأن يجرؤ على قول ما قاله الملك.
... ثمة فارق بين الرجولة والجبن بين الحسابات التي تنشأ تحت الطاولات وبين فرد الاوراق جميعها على مساحة القلب والملك صفع اسرائيل على الوجه تماما وارسل رسالة الى الداخل الى المؤسسات المرعوبة والاصوات الخائفة المرتجفة من الوطن البديل.. الى الصالونات الليلية التي ابدعت في الانشاد وفن المقال.. الى التائهين الذين ضيعوا وطنا بمقالات تائهة ارسل لهم جميعا رسالة مفادها : تعلموا الرجولة مني...
... لو كنت مديرا في الخارجية أو موظفا بدرجة عليا أقسم لما تجرأت على قول هذا الكلام.. فالرسمية الاردنية أغرقتنا في ما يسمى بأدب التصريحات ويبدو انه منذ (15) عاما منذ توقيع المعاهدة لم يجرؤ أردني ان يقدم خطابا في فن الرجولة السياسية كما فعل سيد البلاد.
... يا الله كم تنتصب العروق في رقبتي حمية وغضبا وأنا أقرأ المقابلة.. وكم تداهمني الاسئلة للذين يحاولون (الاستزلام) على الساحة الاردينة.. عبر ارسالهم رسائل عن عدد الاسرى الاردنيين في اسرائيل وعبر الدعوة لمسيرة عابرة.. وعبر الخطب التي تكرر وتصلح لكل مناسبة...
مقابلة الملك رسالة الى الداخل وليست للجمهور في اسرائيل ولقادتها فقط، رسالة الى الذين امتهنوا الصراخ في الشوارع فعليهم لان يدركوا ان ميدان الرجولة.. واضح فهل من متحد؟ عليهم ان يسألوا أنفسهم في مجالسهم الشورية ومحاكمهم الاخوانية.. هل تجرأ زعيم عربي يملك ظرفا صعبا بحجم ظرفنا ان يقول لاسرائيل أنتم خلقتم المشكلة في غزة وتريدون خلقها في الضفة.. ويصارحهم بحقيقة الشرارة والاشتعال وان المنطقة وان اشتعلت فنحن جزء منها وسنكون من اللهيب وليس من الرماد وثمة فارق بين اللهيب والرماد بين الحزم والمكاشفة من موقع القرار وبين اللهو والخطابات والعبث بامن عمان من موقع الكسب المعنوي لجماهيرية عابرة في احزاب لم تعد تملك هوية او مسارا .
مقابلة رجولية بكل حرف وبكل انفعال وبكل لحظة تنهد وهي رسالة للداخل كي نصحو من خطاباتنا المؤدبة الى زمن الرجولة المرة ولا اظن ان احدا يجرؤ على المزاودة واذا قدر لنا ان نصف الملك فسنقول ''ابو عين حمرا'' .. والرجولة في زمننا هي ان تكون عينك حمرا على اسرائيل وليس على المنابر وشوارع عمان وازقة المخيمات وخلف ميكريفونات الخطب الرنانة.
حماك الله سيدي ففي كتاب الرجولة العربية لا اظن ان هناك بعدك او قبلك ''زلم'' يملكون غضبك وتشتهي الخيل ان يمتطوها وتحكي العجائز قصص الرجولة للاحفاد عنهم وتصفهم ب ''ابو عين حمرا'.
hadimajali@hotmail.com