شهداء ومهمات ومستشفيات من اجل السلام والانسانية

سقوط 5 شهداء من الجيش اثناء تأدية واجبهم في مهمة السلام الدولية في هاييتي هو حدث جلل لكنه يذكرنا, كأردنيين, بالاف الجنود من الجيش الذين يعملون في قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في دول مختلفة وفي شتى القارات.
انها مناسبة للاعتزاز بهؤلاء الضباط والجنود الذين اوكلت اليهم اشرف المهام وهي حفظ السلام في الدول التي تمزقها الصراعات والحروب الاهلية, وهم يخدمون هذا الهدف النبيل بما يتناسب وعظمة المهمة الانسانية, وصرامة اداء الواجب الذي تعلموه وبما جعل من العسكري الاردني مكان ثقة في قوات حفظ السلام, فجلبوا بذلك السمعة الطيبة لوطنهم والشرف للقوات المسلحة ولجميع الاردنيين.
انهم يستحقون التكريم, كشهداء سقطوا في خدمة السلام كما يستحق التكريم اولئك الجنود والاطباء, والممرضون الذين ادوا ولا زالوا يؤدون هذه المهمة الانسانية بخلق رفيع وانضباط وتفان في مواقعهم وفي مستشفيات الخدمات الطبية الملكية التي انتشرت في مناطق النزاعات, من افغانستان والعراق الى قطاع غزة والضفة وسيراليون وغيرها من بلدان في افريقيا وامريكا اللاتينية والبلقان.
جثامين الشهداء الخمسة الذين سقطوا في حادث الطائرة العسكرية في هاييتي تستحق استقبالا يليق بدورهم وعظمة مهمتهم, انه حدث وطني فيه فيض من الحزن على ارواحهم, لكنه مناسبة لتقديم فيض من عواطف التكريم والمواساة لاسرهم واطفالهم وعائلاتهم.
تغطية عودة جثامين الشهداء اعلاميا في نشرات الاخبار والصحف مناسبة لاظهار اعتزازنا الوطني بمهمة الاف الجنود من ابناء الاردن الذين يساهمون في الحفاظ على السلام في دول وشعوب عانت من فظائع الحروب وغرقت في الشرور والقتل العشوائي. ان احتلال الاردن الموقع الرابع في قائمة الدول التي تتكون منها قوات حفظ السلام, مسألة تستحق الفخر والاعتزاز الوطني. وهي تدل على قدرات الجيش ومستوى مؤهلات افراده ووعيهم وتدريبهم, كما انها مؤشر على استقرار الاردن وقوة اوضاعه الداخلية.
والجانب الآخر الذي لا يقل اشراقا, هي المستشفيات الميدانية في الخدمات الطبية الملكية, التي انتقلت بكوادرها الطبية والفنية, وادويتها وغرف عملياتها, الى مزار شريف في افغانستان والفلوجة في العراق, والى الضفة الغربية اثناء الانتفاضة الثانية, وغزة بعد العدوان الصهيوني الاخير.
في هذه المستشفيات تلقى مئات الالاف من الجرحى والمرضى العلاجات واجريت لهم العمليات, وهي مهمات لا نشاهد مثلها الا في البعثات الصغيرة للصليب الاحمر ومنظمات الدول الاسكندنافية, ومن المؤسف, ان هناك تعتيما دوليا على دور هذه المستشفيات في انقاذ البشر ومداواة جراحهم في مناطق خطرة وساخنة, فلم نسمع عن ترشيحات لمثل »هذا الدور الانساني الاردني« الى جوائز دولية تدور حول عمليات السلام.
لقد سمعت من بعض الاطباء, والممرضين عملوا في الفلوجة وفي سيراليون وفي مزار شريف عن الظروف الخطيرة التي كانوا يعملون فيها ليل نهار, تحت التهديد بالاعتداءات المسلحة الى لدغات بعوض الملاريا القاتلة في غابات سيراليون.
وبمناسبة سقوط الشهداء الخمسة اتمنى على امانة عمان ان تقيم نصبا تذكاريا في احدى ساحات عمان الرئيسية يرمز الى دور الجنود الاردنيين ومهماتهم الانسانية في حفظ السلام في العالم, بعد ان اصبح هذا الدور جزءا من تعريف الاردن وصورته العالمية.
كل العزاء لاهالي وذوي الشهداء الابطال. العقيد الركن عبيد الله ابراهيم المواجدة, والمقدم الركن جهاد سمرين مهيرات. والرائد ابراهيم محمد الشرمان. والملازم اول بلال احمد ابو حجيلة. والوكيل اول عامر محمود الرواشدة. لهم جنات الخلد ولأسرهم حسن العزاء والصبر, وللجيش الاعتزاز بشهدائه الابرار.0