بين التمديد والفراغ

تم نشره الخميس 19 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:16 صباحاً
بين التمديد والفراغ
عبد الوهاب بدرخان

عام 2004 أمر بشار الاسد بتمديد ولاية إميل لحود في الرئاسة اللبنانية ومضى في هذا القرار الى حد اغتيال رفيق الحريري. وفي 2011 اهتزّت سلطته وشعر بأن رئاسته مهددة، ولكي يمدد ويديمها الى 2014 وما بعدها اندفع الى اغتيال الشعب السوري. ورغم "الانتصارات" التي يصنعها له الايرانيون و"حزب الله" والعصابات الاخرى، لا يبدو الاسد مطمئناً الى البقاء في السلطة. وهذا البقاء لا يضمنه سوى الاستمرار في القتل، أما الدخول في مفاوضات لأجله فهذه مسألة اخرى تخضع للمساومات، ومع أنه ساوم كثيرين (اميركا، اسرائيل...) سابقاً لحمايته إلا أنه لم يتصوّر يوماً أن يضطر الى مساومة ممثلين عن شعب سوريا، ولن يساوموه على بقائه.

هذه المرّة لن يستطيع الاسد أن "يأمر" بالتمديد لميشال سليمان، فهو لا يستطيع ولا يرغب، ثم انه منشغل بتأمين التمديد لنفسه وللحكم الاسدي الذي فقد كل مبرراته السورية باستثناء ما يقول الروس والايرانيون انها "مصالح" لهم في سوريا وفي نظامها. لن يحدث فراغ في الحكم في سوريا لأنه حاصل فعلياً منذ منتصف 2012 على الأقل. أما في لبنان فالفراغ وارد، لكن ادارته هذه المرّة ستختلف، سواء بالأشخاص أو بالاسلوب. فالرئيس سليمان لن يطلب التمديد، وهو جاء وبقي على أساس التوافق، لكن فريق "8 آذار" الخارج عن كل التوافقات - آخرها "اتفاق بعبدا"، واللائحة طويلة - بات يعتبر أن الرئيس لم يعد توافقياً ما دام أنه يدافع عن الدولة وينتقد ازدواجية السلاح ولا يبارك مشاركة "حزب الله" في القتال داخل سوريا بل يتهم حسن نصرالله بأنه يطلق الاتهامات جزافاً ضد السعودية.

غير أن الاسد وحلفاءه قد يكونون توصلوا الى تحديد البديل من سليمان: فإما الفراغ في الحكم وإما ميشال عون. في ظهوره التلفزيوني الأخير استخدم عون كل حجج الاسد في شرح الأزمة السورية كما في الحديث عمن سماهم "المتمردين". أما بالنسبة الى الرئاسة فحرص عون على أن يبدو "عايز مستغني"، لأن قواعد اللعبة مبلبلة ويجب أن تُلعب باسلوب مختلف. فهو لا يرى منافساً حقيقياً ولا يحب البحث عن توافقات خارج حلفائه لأنه يريد أن يكون رئيساً تصادمياً. لكن المعادلة السياسية الراهنة ضيقة وتجعل حظوظه مضمونة وغير مضمونة، فحتى لو حسم الحلفاء تأييدهم في الوقت المناسب فإنه لا يكفي وحده، لذا وجد حزبه ضرورة أن يفتح حوارات مع التيارات المناوئة. أما الفراغ المحتمل فلا شك في أن الاسد وحلفاءه يفضلون الاعتماد على "حكومة ميقاتي" لادارته، أو بالأحرى ليديروا الدولة من خلالها، كما فعلوا منذ جاؤوا بها ونصّبوها. المؤكد أنهم لن يسهّلوا تشكيل حكومة تمام سلام، والأكيد أن تعويم حكومة ميقاتي كسواه من الخيارات - مضمونٌ وغير مضمون - لكنهم سيحاولون، ومن عاداتهم استخدام الترهيب.

( النهار اللبنانية 2013-12-19 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات