نمو اقتصادي صعب في عام 2010

ما زالت الحكومة اللاعب الرئيسي في النشاط الاقتصادي رغم انجازها معظم برنامج التخاصية الذي كان من المفترض ان ينقل دورها للقطاع الخاص وتقوم هي بعملية الادارة والاشراف والتنظيم على العملية الاقتصادية.
القطاع العام يستحوذ على اكثر من 56 من الناتج المحلي الاجمالي, وهي من اعلى النسب في العالم بعد اسرائيل, والمعدل الطبيعي في اقتصاديات السوق لا تتجاوز نسبة مساهمة الدولة في الاقتصاد بأكثر من 28 بالمئة, مما يفسر الخلل الحاصل في تنفيذ السياسات الاقتصادية التي ترتكز من الناحية النظرية على اقتصاد حر ومن الناحية العملية يسود الدور الأبوي في معظم النشاطات التنموية.
تستعد الحكومة اليوم لانجاز مشروع قانون الموازنة العامة لسنة ,2010 وفي من المفارقات ما يدعو للتساؤل حول حقيقة الارقام التي جرى تقديرها.
الحكومة خفضت تقديراتها للنفقات العامة بنسبة 9.6 بالمئة للعام المقبل, وفي الوقت ذاته توقعت نموا حقيقيا بواقع 4.5 بالمئة, والمفارقة في هذا الموضوع ان تخفيض النفقات يتعارض مع تحقيق نمو كبير بهذا الشكل المستهدف.
التخفيض في الانفاق العام بمقدار 591 مليون دينار يعني فعليا تراجع النمو الاقتصادي الناتج من القطاع العام بنسبة 9.6 بالمئة, ويبقى الرهان على نشاط القطاع الخاص.
في الواقع; القطاع الخاص المحلي يعاني اليوم من حالة تباطؤ شديدة ستكون لها آثار سلبية مباشرة على تحصيلات الخزينة من ايرادات الضريبة في العام المقبل, ولا شك ان الكثير من المعوقات والتحديات التي تعترض حاليا نشاط القطاع الخاص سيكون لها آثار جانبية على قطاعات اخرى قد تمتد لفترة اطول, فاليوم مجتمع رجال الاعمال يعانون من شُح السيولة اللازمة لاستكمال مشاريعهم, ويعانون بشكل واضح من ضعف الطلب على منتجاتهم ومحدودية الاسواق في استيعاب صادراتهم, ناهيك عن المنافسة الشديدة التي تعترض مجتمع رجال الاعمال من نظرائهم في الخارج, لكن الاكثر مرارة ونشاهده الآن هو قصص النجاح التي طالما تغنى بها الخطاب الرسمي في بعض القطاعات الاقتصادية التي حققت تميزا وولدت قيمة مضافة للاقتصاد الاردني وساهمت بجعله نقطة جذب للمستثمرين الاجانب, تلك القطاعات اليوم تشهد حالة تراجع بشكل واضح من دون ان يكون هناك من يلتفت اليها او يبحث معها اسباب تلك الحالة التي ان بقيت على حالها فانه سيكون لها تداعيات سلبية خطيرة على الاقتصاد الاردني في المستقبل القريب.
حالة القطاع الخاص الراهنة والتحديات التي تعصف بادائه تشكل بحد ذاته مأزقا امام تحقيق الاقتصاد الوطني لنمو حقيقي نسبته 4.5 بالمئة, لان تخفيض الموازنة لنفقاتها العامة بنسبة 9.6 بالمئة بعني انها تعول على القطاع الخاص ان يعوض ذلك التراجع في الانفاق وينمو بنسبة 14 بالمئة من اجل ان يحقق النمو المستهدف, فهل يستطيع القطاع الخاص ان يحل محل الحكومة ويزيد مساهماته في الناتج المحلي الذي لا يتجاوز 44 بالمئة منه ويحل بدلا من الحكومة علما انه تم بيع معظم اسهم الدولة في الشركات الاستراتيجية والتنموية للقطاع الخاص ولم يتحقق ذلك الهدف المنشود.0