طفل في الثالثة والنصف من عمره يروي معاناته في أروقة مستشفى البشير

المدينة نيوز- ارتأت "المدينة نيوز" نشر القصة التالية كما وردت الينا لا بقصد الاساءة او التشهير ، بل بقصد الاعلام والتوجيه والتقويم .
المحرر
يوم الأحد 11/10/2009 ذهب والدي الى مستشفى البشير لإسعافي ، عمري 3 سنوات ونصف ، كنت مريضا جدا، وحرارتي بلغت آنذاك 39.5 مئوية .. دخل والدي المستشفى الساعة 7 مساءا برفقة والدتي الحزينة والطفل (أنا)... اقرأوا ما حصل بالتفصيل :
توجه والدي ووالدتي الى عيادة الأطفال رقم 2 في الطوارئ ثم اخبر الممرض والدي بان يذهب ويحضر ورقة كشفية طبيب وحرارتي ترتفع شيئا فشيئا وأصبحت في حالة يرثى لها بدون أي اهتمام .. جلست والدتي بانتظار الورقة التي ذهب والدي ليحضرها من قسم المحاسبة طبعا .. وكما تعلم ان الأطفال دون سن 6 سنوات مؤمنين في المستشفيات الحكومية .. ولا يدفع مقابل مع العلم باني امتلك بحوزتي بطاقة تامين درجة ثالثة من وزارة التربية والتعليم وأعالج على بطاقة والدتي المعلمة ، انتظرت أمي طويلا ، وعندما ذهب الأب الى قسم المحاسبة لاحضار ورقة إدخال للطبيب لاحظ وجود 3 طوابير من المراجعين يصطفون بدون ترتيب وبشكل عشوائي غير منتظم خلف القضبان ينتظرون دورهم للدفع!
تفاجأ الوالد من هذا الطابور.. وتساءل : هل سينتظر طويلا حتى يحين دوره ؟
أنا في وضع صعب والطبيب لا يريد ان يعالجني ولا ان ينظر إلي حتى يحضر أبي الورقة.. فانتظر والدي طويلا في حدود الساعة وعند المحاسب لاحظ وجود محاسب واحد فقط يقوم بخدمة 3 طوابير من الناس وفي حالة فوضى شديدة دون مراقبة والأدهى والأمر من ذلك كله ان المحاسب يطلب مبلغ 3.30 دنانير أجرة كشفية طبيب ولغاية الآن لم ادخل ولم يراني الطبيب ولم أعالج .
سأل والدي المحاسب: لماذا نقوم بدفع هذا المبلغ والطفل مؤمن ولديه بطاقة تامين ؟ وبعد مشادة كلامية اضطر الوالد الى دفع مبلغ 3.30 دنانير بدل رسوم تأمين خوفا على حياتي .
بعد ذلك توجه والدي الى الطبيب عيادة رقم 2 في مبنى الطوارئ ووقف مدة ربع ساعة خارج العيادة تحت شعار التزام الدور وعلى أساس الاحترام للمسؤولين والمراجعين في العيادة .
طبعا الساعة أصبحت 8.15 مساءا ولغاية اللحظة لم أعالج أبدا ولم ينظر إلي احد، طبعا الواسطة في كل شيء.. كل شخص يحضر الى العيادة بدون دور او اسم يدخل مباشرة كونه يعرف الطبيب ثم يقوم بالكشف عليه ويخرج الى ان حان دوري انا الطفل المسكين.
دخل والدي وهو يحملني الى العيادة رقم 2 تفاجأ بأنه لا يوجد طبيب أصلا وإنما ممرض عمره لا يتجاوز 23 سنة وليس لديه الخبرة الكافية ليدير عيادة كاملة بمراجعيها وعلى مختلف أمراضها ، شرح الأب للممرض ما حصل معي وان حرارتي عالية جدا وانني في حالة إعياء وتعب شديد .. شعرت انه سيغمى علي إذا لم يتم اتخاذ إجراء مناسب او ان يتم إدخالي للفحص والمعالجة .
نظر الممرض الى والدي وقال له "ابنك زي الفل وما بدو إلا تحميله وكلشي تمام لا تخاف لهالدرجة اجتنا حالات أصعب من هيك وشفيت".
تفاجأ والدي من ردة فعل الممرض في العيادة واضطر آسفا ان يقول للممرض وأمام الحاضرين أنني -الطفل- مصاب بفيروس أنفلونزا الخنازير كنوع من الاهتمام او حتى يقوم الممرض بردة فعل تجاه الأمر.. كأنك تتكلم مع نفسك بدون أي انفعالات او اهتمام ولم يعط للأمر أي شفقة او ردة فعل.
قال الممرض لوالدي" له يا زلمة معقولة " ، ثم قام الممرض بأخذ حرارتي ووجد إنها 39.5 مئوية فأصدر أمرا بتحويلي الى العيادة رقم 5 طبعا العيادة رقم 5 بدها واسطات والطبيب اللي فيها بدون واسطة ثقيلة لن يرى وجه الطبيب منيرا حتى الواحد يدخل عليه ويفحص ابنه عنده .
المهم دخل والدي المسكين مع زوجته الخائفة جدا على ما أصاب ابنها الى الطبيب ووجد العيادة فارغة من أي مراجعين وقام بتسليم الطبيب ورقة الكشفية او التحويلة من العيادة رقم 2 فقال له الطبيب اجلس حتى أنادي عليك ، والدي طبعا وجد العيادة فارغة ولماذا ينتظر؟!!
وقف الوالد مع ابنه المريض والضعيف ولاحظ بان الورقة التي قام بتسليمها للطبيب أصبحت آخر ورقة وان وجود اوراق جديدة من المراجعين أصبحت لهم الأولوية في الفحص والأب والابن والزوجة ينتظرون فرج الله .
الساعة أصبحت 8.45 دقيقة مساءا ولم اعالج لغاية اللحظة ، ذهب والدي الى الطبيب واخبره بأن عليه معالجتي لشدة مرضي ولكن دون جدوى من الطبيب الى حد ان الطبيب لم ينظر الي نهائيا ... فقام أبي بحملي الى داخل العيادة 5 ووضعني على السرير وقال للطبيب "مشان الله افحص ابني وشوف شو ماله الولد تعبان وبدو يروح من أيدينا ".
الطبيب متعجبا !! ومخاطبا والدي !! أنت كيف بتدخل الى العيادة بدون ما أنادي عليك انتظر برا احسنلك !!؟؟
رد والدي على الطبيب مش خارج حتى تكشف وتعالج الولد وهسة بدك تعالجه !!
الطبيب اطلع من مكتبي واقف على الدور ، رد والدي عليه قائلا انو دور ؟ أنت خليت فيها دور كل واحد بيجي بيدخل وإحنا واقفين على الدور !.
المهم ما صار شيء، ولم أعالج ،عصب طبعا والدي لأنه ما حدا راضي يعالج ابنه ويعطيه أدنى اهتمام ، اخذ الورقة من يد الطبيب وتوجه الى إسعاف الأطفال داخل مبنى الطوارئ- بجانب المختبر .
وجد الحارس على الباب وقال له والدي راجيا " بدي أعالج ابني عندكم لو سمحت " .
الحارس اخذ الورقة من الوالد ودخل على الطبيب ورفض الطبيب المناوب اتخاذ أي إجراء لمعالجتي إلا بأمر وتحويله من طبيب عيادة 5 المحترم طبعا .. رفض طبيب عيادة 5 إعطاء والدي تحويله الى الداخل ،مبررا ذلك ان والد الطفل عصب ولا يريد ان يقف على الدور كما زعم.
رجع والدي الى الطبيب المناوب في إسعاف الأطفال وقال له مشان الله ليش ولا واحد بدو يعالج ابني؟؟ أنا شو عملتلكم ؟؟ الكشفية ودفعناها بالرغم من ان الأطفال دون 6 سنوات مؤمنين تلقائيا، ياعمي الولد فيه أشي احكولي .
الحارس قام بطردنا أي والدي وأنا ، طبعا لا اعرف السبب ؟؟؟؟؟ وقف الوالد خارج القسم يفكر ماذا سيفعل وما هو الإجراء المناسب ؟
ففكر بان يقوم بالدخول الى القسم عنوة ووضعي داخل القسم والخروج من المستشفى نظرا لقلة ما رآه من اهتمام وعدم استجابة معللا ذلك بأنه يمكن إذا رآني الطبيب مرميا على الارض ان يقوم بمعالجتي ... مسكين والدي .
فعلا.. رماني والدي داخل القسم الى الطبيب المناوب وأنا في حالة إعياء كامل .. وخرج من القسم متوجها الى الباب فرأى الحارس متوجها إليه ويريد القبض على الوالد بتهمة رمي ولده ولكن نسي ان هذه ردة الفعل من والدي نظرا للظلم الذي عاناه داخل المستشفى وهو يبحث عن طبيب ليعالج ابنه الوحيد !!!
رجع الوالد الى الطبيب على أمل ان الطبيب قام بالكشف علي والبدء في علاجي، ولكنه تفاجأ بانني لم اعالج! بل وعلى العكس، وجدنا أنا وأمي محجوزين داخل القسم لحين حضور الأب ليتم القبض عليه ومحاسبته على تقصيره تجاهي !!!
طبعا تقصير الأطباء هذا غير وارد بالنسبة لادارة المستشفى ، عندما رأى الوالد ما حدث معي انا وامي تعجب كثيرا وانصدم بسبب هذا الاهتمام من قبل الأطباء تجاه الأب منتظرين عودته للقبض عليه ونسوا ان الطفل مريض ولم يعالج بعد.
قام ابي بمناقشة الطبيب المسؤول وقال له لماذا تحجز الولد والأم ؟
فأجاب الطبيب على الفور أنت "قمت بسب الآلهة والمشرع للقانون احتجاجا على دفع مبلغ 3.30 دينار" .
تعجب الوالد من المكيدة هذه وقال له : أنا قلت هذا ؟متى ؟ لا اعلم أنا أريد فقط ان أعالج ابني وان أنقذ حياته البريئة .
أصبح الأمر ألان بعيدا عن معالجة الأب لابنه .. وإنما الموضوع أصبح شكوى وسب (...) ؟
بطريقة ما خرجنا جميعا من القسم مع تهديدات من الطبيب بأنه سوف يقبض على والدي، حينها رد والدي عليه بالقول : " انت نسيت انك طبيب أطفال وهذه الأخلاق ليست أخلاق طبيب تجاه طفل " وخرج من المستشفى ملاحقا من الطبيب وأعوانه ، علما بأن الساعة أصبحت 9.30 مساءا ولم أعالج أبدا في المستشفى .
توجه والدي على الفور الى مستشفى الأمير حمزة الحكومي ووصل الساعة 10.00 مساءا وعلى الفور تم التوجه الى قسم الأطفال – الطوارئ - وبالفعل لاحظ والدي ان هناك شيء غريب داخل القسم حتى انه فكر انه لا يمكن ان تكون هذه الخدمات المقدمة على الفور تجاه الطفل صادرة من مستشفى حكومي كمستشفى البشير وإنما خدمات من نوع أخر كالتي نراها في المستشفيات الخاصة.
يا الهي ! الاهتمام بدأ حين دخل الطفل الى القسم بدأ من الطبيب والممرضة والاهتمام المتزايد شيئا فشيئا ، تم وضعي على سرير أطفال نظيف ومرتب ...العاب معلقة للأطفال داخل القسم !
تعجب والدي وأحس بشيء داخله يقول له ارتاح أنت بأمان هنا لا تقلق مما ادخل السكينة عليه وعلى امي المسكينة التي تراقبني بصمت .
للتذكير والدي لم يدفع أية كشفية في هذا المستشفى لأنه لم يطلب منه ان يدفع إلا فقط في مستشفى البشير الموقر بخدماته المميزة .
الطبيب محمود الذي كان مناوبا يوم الأحد الماضي 11/10 اشرف على حالتي وقال بأنني بحاجة الى تبخيره لأنه وجد التهاب شديد في القصبات الهوائية مع احتمال وجود فيروس عدوى في حنجرتي مما افقدني القدرة على الكلام لفترة وجيزة .
عمل الطبيب اللازم والإسعافات الأولية بمعاونة الممرضة المشرفة على القسم مشكلين فريق عمل متواضع ملبي لجميع المراجعين والذين هم كثر ولكن بقليل من الحنكة والتدابير الوقائية والإجراءات المتخذة من قبل الطبيب والممرضة تم السيطرة على الوضع داخل القسم .
أصبحت ارتاح شيئا فشيئا وأخذت عدة تبخيرات عن طريق التنفس الاصطناعي وتم وضع مادة كليكوز عن طريق الوريد كوني لم أكل شيئا طيلة اليوم وأصبحت أتماثل للشفاء قليلا .
تم تصويري بناء على طلب من الطبيب محمد عليان المناوب في قسم الأطفال آنذاك المتواجد في الطابق 6 وتم الاعتناء بي جيدا من قبل الطبيب محمد عليان مشكورا واشرف على علاجي بحدود الساعة متواجدا بالقرب مني حتى انه قام باللعب معي وقبلني على خدي وعلى جبيني وقال على مسامع والدي بإذن الله سوف تتعافى قريبا لا تقلق .
وقال الطبيب محمد عليان للطبيب محمود المناوب في قسم الطوارئ انه بعد إجراء عدة تبخيرات للطفل أرجو إخباري عند الانتهاء من العلاج حتى أقوم بفحص الطفل وإجراء اللازم وعمل تقرير نهائي لحالة الطفل .
بالفعل تم الانتهاء من التبخيرات والعلاجات والإبر التي أعطيت لي وأصبحت اطلب طعاما لآكل لأني بدأت اشعر بالجوع ، وأخذت مدة علاجي ما يقارب 5 ساعات متواصلة حتى أصبحت الساعة 4 صباحا .
في اليوم التالي حملني ابي بناء على توجيهات من الطبيب محمود وذهبنا الى قسم الأطفال في الطابق 6 حتى يقوم بعمل تقييم وتقرير نهائي بعد الاطلاع على حالتي المرضية ، وبالفعل توجه والدي الى الطبيب وعندما قام الطبيب محمد عليان مشكورا بفحصي وجد باني لم أتماثل تماما للعلاج وبحاجة الى إدخال فوري الى القسم .. توجه والدي على الفور لعمل اضبارة دخول وتحويل الى الطابق 6 لإدخالي في قسم الأطفال للعناية واخذ العلاج اللازم حتى أتعافى من المرض .
والحمدلله بقيت مدة يومين في المستشفى أتناول العلاجات والتبخيرات الى يوم الثلاثاء 13/10 وأصبحت أتماثل للشفاء شيئا فشيئا والحمدلله وأنا الآن بصحة جيدة.. الى كل اصدقائي اقول لا اراكم الله مكروها.