العودة الى عصمة الدولة

تم نشره الثلاثاء 27 تشرين الأوّل / أكتوبر 2009 02:40 صباحاً
العودة الى عصمة الدولة
ماهر ابو طير

لا يوجد بلد في الدنيا ، لا يتحدث الى فعالياته الاساس ، من اعلام ونيابة واحزاب ومكونات اخرى ، والحديث هنا ليس تدخلا ولا توجيها سياسيا ، على طريقة الدول الشمولية ، وانما تأكيد لشراكات وتزويد بالمعلومات ، وليس التوجيهات ، لكثير من الاطراف ذات الصلة بالشأن الداخلي.

لم يعد لدينا احد يتحدث الى كل هذه الفعاليات ، والصرعة الجديدة تقول ان الحديث الى كل هؤلاء هو تدخل لا بد ان ينتهي ، بحيث يتم فرط هذه الفعاليات ، وتحويلها الى فعاليات فردية ، كل يدور في الفلك الذي يريد ، ولو تأملنا قضايا هامة كان للاردن فيها موقف هام جدا ، مثل قضية القدس ، وقضايا حساسة مثل الوضع الاقتصادي ، وما هو مقبل وآت ، لاكتشفنا عبر الانموذجين ، ان لا احد يضع الاخر في صورة ما يجري ، والحوار تحول الى بضعة بيانات اعلامية تشرح ما يجري ، وتترك لك الاستنتاج ، والاستبصار والتنجيم حول مايجري.

الامريكيون والبريطانيون والصينيون ، المؤمنون بالحريات ، والقمعيون ، كلهم على اختلاف مشارفهم ، يشعرون ان هناك من يتحدث معهم واليهم ، باختلاف النمط والمضمون ، ولا احد يترك فعالياته المحلية للفراغ ، وللاجتهاد المطلق. نقيض التدخل في خط الانسان وطريقة تفكيره ، اسوأ من التدخل ذاته ، ونحن لا نجيد التوسط ، فاما يتدخل بك الوزراء وكل صاحب سلطة ويريدونك موظفا صغيرا تلهث خلفهم ، واما يتم ترك كل هذه الفعاليات ، تركا كاملا ، وكأن الفردية بهذه الطريقة ، تريح البلد من اجواء الطحن والتطاحن ، وهي فردية تهدم الروح الجمعية ، وتجعلك تشعر انك لست مع احد ، ولا احد معك ، وكل يرى الوطن بطريقته الخاصة.

سألت احد السياسيين في البلد قبل ايام ، عن اخر مرة جلس فيها الى مسؤول حكومي ، ليستمع فرديا الى كثير من المستجدات فقال انه لا يجلس مع احد ولا احد يجلس معه ، وسألت كاتبا عن اخر مرة تمت دعوته الى وزارة هامة ، فقال انه لم يدخلها منذ عام ، ويسمع عن اخبار وزيرها ونشاطاته مع الاعلام ، مثله مثل اي عربي او اجنبي ، يراقب الشأن الاردني. القضية لا تتعلق بالوجاهة والمنافع والمكاسب والجلوس الى مائدة ، وانما تتعلق بكون المبدأ لا يجيز تطليق كل هذه الفعاليات ، من جانب كل المؤسسات ، وكل مؤسسة تقول لا اريد الجلوس مع فلان حتى لاتفهم المؤسسة الاخرى ، اننا نحشد او ندخل على خط دور اخرين. حسنا ، لماذا لا يؤدي كل طرف دوره ، وحين تتأمل رئاسة الوزراء او الوزارات او مجلس النواب ، وبقية المؤسسات السياسية ، تكتشف ان كل واحد منها ذهب الى ما هو اقل من دوره ، لانه يخشى ان يتهم بأنه ينتج بطانات ، ويحشد مؤيدين ومصفقين وانصارا ، برغم اتفاقنا ، اننا لسنا مصفقين ، وبحاجة لان نفهم فقط ما الذي يجري ، والى اين نذهب على مستوى مدارات كثيرة.

رد الفعاليات الى عصمة الدولة ، امر هام ، واذا كنا ضد الانموذج الشمولي في تسخير الاشخاص ، وتوجيههم والتحكم بهم ، فنحن ضد تركهم كليا بالمطلق ، وكأن الطلاق قد حل ، والتوسط بين النماذج هو الحل ، لان المنطق يقول ان الدول لا تترك الشركاء ، وتضعهم في صورة ما يجري تجاه كل الملفات ، ومن يقول ان الطلاق هو الحل الوحيد لتهدئة الساحة المحلية ، لا يعرف كلفة الطلاق التي حصلت ، فما يهمه هو عدم الصداع ، حتى لو تشظى منتخب كرة القدم ، وتحول لاعبوه الى لاعبي سلة وتنس وطائرة ، في ملعب لا يصلح الا لكرة القدم اساسا.

mtair@addustour.com.jo



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات