الحسين لم يكن يطيق نتنياهو

نشرت صحيفة "يدعوت احرنوت" الاسرائيلية قبل ثلاثة ايام نصا حرفيا لرسالة كان طيب الذكر الملك الحسين بن طلال قد وجهها الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في التاسع من اذار عام 1997 والتي كشفت عن المشاعر الحقيقية الغاضبة لراحلنا العظيم تجاه ذلك اليميني "النتن" الذي عمل على شطب اجواء المصالحة وقد تكون تلك الرسالة نموذجا لادب"التوبيخ السياسي" من خلال الرسائل المتبادلة بين قادة الدول.
إن كشف النقاب عن تلك الرسالة ليتزامن مع مرور 15 عاما على توقيع معاهدة السلام الاردنية - الاسرائيلة يؤكد ان السلام الحقيقي بين الاردن واسرائيل لم يكن "ساخنا" ولا اريد ان اقول جديا او حقيقيا الا في وجود رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين ومع مجيء نتيناهو في حكومته الاولى توقف السلام تماما ليتحول الى مرحلة "التفريز" والجفاء بغطاء من حزب العمل ورمزه المطاطي شمعون بيرس الذي كان الملك الحسين لا يثق به اطلاقا ويصفه ب¯ "الحرباء".
الرسالة التي خرجت عن العرف الدبلوماسي لشدة تعابيرها الانشائية تسلمها نتنياهو باليد من مبعوث جلالته الجنرال علي شكري ولا تذكر الصحيفة اذا ما كان نتنياهو قد رد عليها خطيا ام لا ؟
يبدأ راحلنا العظيم في توبيخه القاسي لنتنياهو من دون مقدمات ليقول " إن الالم العظيم ليعتصرني لما قمتم به من اعمال مأساوية كرئيس لحكومة اسرائيل جاعلين السلام يبدو وكأنه سراب بقيع ".
ويتابع رحمه الله " لا نستطيع قبول أعذاركم المتكررة للتصرف بالطريقة التي تقومون بها تحت طائلة التهديد والضغط... إن المسلك الذي تتبعونه في أعمالكم سيؤدي في نهاية المطاف الى تحطيم كل ما آمنت به وناضلنا نحن العائلة الهاشمية من اجل تحقيقه...".
وقد صدقت نبوءة الحسين في اعمال نتنياهو الذي دمر كل بذور السلام التي كانت متاحة بين العرب والاسرائيليين والتي بلغت ذروتها في النفق الذي حفر تحت المسجد الاقصى والذي أدى الى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وها هو يستمر بعد 12 عاما في نفس المخططات لاقتحام المسجد الاقصى سعيا الى تقسيمه على الاقل مرحليا بين الشعائر الاسلامية والشعائر اليهودية المزعومة على غرار ما جرى في الحرم الابراهيمي في الخليل.
ويختم الحسين غضبه على نتنياهو بقوله " كيف يمكن العمل معكم كشريك وصديق حقيقي في ظل هذا المناخ المربك والمشوش ؟... شعوري بالمسؤولية والقلق هما ما جعلا لزاما علي القيام لمواجهة المجهول من الايام ".
اعتقد جازما ان امثلة كثيرة على غرار تلك الرسالة واقسى منها ما زال موجودا في ارشيفنا الرسمي كتوثيق للقاءات والمكالمات الهاتفية والرسائل المتبادلة بين الحسين رحمه الله وجلالة الملك عبدالله الثاني مع القادة الاسرائيليين منذ توقيع معاهدة السلام والمعاناة الحقيقية التي دارت رحاها في السر والعلن مع اولئك الاوباش الذين لا يريدون للسلام ان يتحقق الا حسب مصالحهم وخططهم.
كثير منا كانوا يتمنون لو نشرت تلك الرسالة في الصحافة الاردنية, فصحافة العدو ليست اكثر اشفاقا على مواقفنا والمصلحة الوطنية تقضي بان يتم الكشف عن المواقف الاردنية الشجاعة وعدم تركها ليطويها النسيان والتشويه المتعمد, فهل نتعلم الدرس ؟.0