ضابط امريكي من اصل فلسطيني،

تتصدر قصة الضابط الامريكي من اصل فلسطيني وسائل الاعلام الكونية ، وما بين من يقول انه تعرض الى صدمة عصبية ، او انه تعرض الى مضايقات جعلته يقتل جنودا امريكيين ، فان القصة بيقي عنوانها "امريكي من اصل فلسطيني".
بالنسبة لي شخصيا ، اوجه لومي الشديد للضابط لانه قبل من الاساس ان يدخل الجيش الامريكي ، ولا شك ان تفسير الرواية سهل للغاية ، فقد دخل الجيش الامريكي ، وهو المتأثر بالولايات المتحدة الامريكية ، لكنه اكتشف بعد سنوات ، انه حتى لو تطوع في الجيش وصار من جنده ، فان العربي يبقى عربيا ، والامريكي يبقى امريكيا ، لا هم قادرون على استيعابه وجعله امريكيا حقا ، ولا هو قادر على الانسلاخ عن عروبته ، هذا شعور الملايين في المهاجر ، الذين برغم ترف الحياة واسس المعاملة تجاه الانسان ، الا ان العربي في اخر الليل ينام على وسادته عربيا ، لا مكان له في مكان ليس له اساس.
لسنا مع قتل احد ، والانسان الطبيعي يدين القتل ، سواء ما تسببت به امريكا في العراق منذ حصار عام 1990 وحتى اليوم من قتل ملايين العراقيين ، مرورا بذخائر امريكا التي صهرت اجساد اهل غزة قبل عام من اليوم ، وما بينهما مافعلته امريكا في افغانستان وباكستان ودول اخرى. القتل جريمة غير مبررة. وما فعله الضابط الامريكي من اصل فلسطيني ، نقطة في بحر مافعلته الولايات المتحدة بنا ، دون ان يعني ذلك انني ابرر القتل ، او اجعله ، مشرعنا باعتبار ان الكل يقتل ، والكل يسقط ، ولا اساوي من جهة اخرى بمن يتحرش بمنطقتنا ويدوس عليها ، وبمن يدفع ثمن الدوس ، وجدانيا ، الى درجة الانضمام للجيش الامريكي ، حتى اكتشف بنفسه ، انه هو هو ، وانك انت انت.
اسرائيل سعيدة بلصق الجريمة بأمريكي من اصل فلسطيني ، وسعيدة للصورة الانطباعية التي يتم لصقها بالفلسطينيين في العالم ، بأنهم حيثما حلت اقدامهم حلت المشاكل والمصائب والفلسطيني عليه ان لا يحزن ، لانه ليس مفصولا في المجمل عن العرب ، الذين يتم حرقهم بأسيد تاريخي عبر مئات السنين ، فالعربي متهم وملاحق في العالم ، حتى لو خلع الدشداشة ، وصبغ وجهه بألف لون اخر ، وحتى لو رطن بكل لغات الدنيا ، وفعل كل ما لم يفعله الاباء والاجداد ، تهمة الفلسطيني في العالم ليست مفصولة عن تهمة العربي في العالم ، فكلاهما تحت المطرقة ، وتحت الشك ، حتى لا يبدو الفلسطيني بمثابة المخرب ، والعرب بمثابة الابرياء الاطهار الذين يدق قلب العالم لاجل رؤيتهم.
بما ان الامر كذلك فان الافضل ان لا نبيع ما هو لنا لاجل ما هو لهم ، فلا مكان لنا بينهم ، حتى لو حملت بندقيتك وقتلت الف عراقي والف فلسطيني لتثبت الانتماء للعالم الحر ، وبما ان النتيجة معروفة مسبقا ، فلا يترك احدنا مكانه ، ولا يخلع جذوره من الارض الطيبة.
ضابط امريكي من اصل فلسطيني ، نعم. غير ان فلسطينيته لم تغادره حتى لو غادرها ، فماذا نقول عمن قتلوا عشرات الاف الفلسطينيين بدم بارد وبرصاص امريكي.
للشعب الفلسطيني الرحمة من رب العالمين ، فهم قيد الشك والاتهام والكراهية حيثما ولوا وجوههم ، وكأنهم لعنة العالم الجديد.
mtair@addustour.com.jo