حول هذه الانفلونزا !
بعد سنوات قليلة من ضجة انفلونزا الطيور ولا أحد يعلم أينها الآن، من يستطيع اليوم أن ينكر أن البلبلة بشأن انفلونزا الخنازير ومطعومها تعم مختلف بلاد العالم ؟ فلا الناس يحصلون على اجابات شافية عن أسئلتهم بل لهفتهم لمعرفة حقيقة المطعوم ومدى فاعليته ونجاعته وأمانه ولا الأطباء بقادرين على أعطاء هذه الاجابات وهم مستريحو الضمير والوجدان ولا المسؤولون الصحيون حتى في منظمة الصحة العالمية بمنأى عن الدوامة، ثم.. تبقى بعد ذلك جهة رابعة خارج هذه البلبلة بل إنها سعيدة بالازمة الوبائية العالمية وسوف اتحدث عنها بعد قليل!.
في السعي لمعرفة الحقيقة نذهب الى رأس النبع (!) في الولايات المتحدة حيث أجرت المؤسسة الاعلامية CBS News على مدى ثلاثة أشهر من بداية الوباء بحثا استقصائيا أظهر أن ملايين من الاميركيين قد أصيبوا به وأن 20 ألفا على الاقل قد ادخلوا المستشفيات للعلاج وأن ألفا قد مات منهم، لكنها ترى أن الرقم قد ضخم ويوافقها على هذا الاستنتاج مركز مراقبة الامراض The Center for Disease Control / CDC في وزارة الصحة حتى أنه نصح حكومات الولايات بالتوقف عن عمل الفحوص المخبرية المكلفة وعن إجراء الاحصاءات التي لم تفرق بين الانفلونزا العادية الموسمية وانفلونزا الخنازير وكانت تضع كل الحالات والادخالات الاخرى بسبب الالتهابات الرئوية والوفيات الناتجة عنها تحت باب واحد، وقد علق مدير المركز Dr. Thomas Frieden على ذلك بأن 5 ? 20 % من السكان يصابون سنويا بالانفلونزا الموسمية أي 15 ? 60 مليونا ويدخل منهم 200 ألف للعلاج في المستشفيات واذا كان صحيحا أن مضاعفاتها تقتل 36 ألف مصاب فان موت الف من انفلونزا الخنازير في ستة أشهر لا يعتبر مفزعا..
يأتي الآن دور الجهة الرابعة التي أشرت لها في بداية المقال دون أن أسميها وهي تبدو الآن المستفيدة الوحيدة من الوباء الجديد، إذ يقول تقرير ال CBS إن شركات الادوية تستخدم قوتها ونفوذها في حمل المسؤولين السياسيين واجهزة الاعلام على السير في ركبها خلف مطعوم انفلونزا الخنازير المشكوك فيه والذي مازال حتى الآن موضع تساؤل، ولقد صرح العديد من اطبائنا الكبار علنا أن نظامنا الصحي قد طاله الفساد الممول من الثروة الهائلة التي تملكها الصناعة الدوائية كما أن وسائل وشركات الاعلام الرئيسية تتلقى مليارات الدولارات من اموال الدعاية التي تنفقها تلك الشركات حتى لا تفضح خفاياها!.
وهذا ما أكدتهDr. Marcia Angel رئيسة التحرير السابقة للمجلة الطبية المرموقة New England Journal of Medicine حين كتبت عن جشع شركات الادوية ونفوذها الخطير كما كتب في نفس الاتجاه Dr. George Lundberg رئيس التحرير السابق للمجلة الطبية الثانية الرصينة Journal Of The American Medical Association (JAMA).
وهناك معلومة أخرى تزكم الأنوف برائحة الفساد وتتعلق بدواء التاميفلو المستعمل الآن في علاج حالات انفلونزا الخنازير إذ تذكرShannon Brownlee الصحفية الطبية الاستقصائية الحائزة على جوائز عديدة في مقابلة لها مع إيمي غودمان فيDemocracy Now الاسبوع الماضي: لقد بدأ تخزين دواء التاميفلو بكميات هائلة بعيد هجمات 11 أيلول للاستعمال العسكري والمدني بقرار من دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي السابق بذريعة الخوف من هجمات جرثومية وكان رامسفيلد قبل ذلك رئيسا لمجلس ادارة الشركة الصانعة التي استفادت (واستفاد) من القرار!.
وبعد.. لقد جنت شركات صناعة الدواء وما زالت تجني ارباحا خيالية من بيع مطعوم تعلن للناس سلفا أنها لا تتحمل مسؤولية مضاعفاته.. ولم تملك الحكومات وأولها الحكومة الأميركية إلا أن تشتريه!.
