حكومة لا تشعر بالقلق!

في لقاء للمجلس الاقتصادي الاجتماعي وصفه رئيس المجلس عبدالاله الخطيب بانه جلسة »للقدح الذهني« حول ظاهرة العنف الاجتماعي عقد قبل اسبوع تقريبا.
قدم المجلس ورقة للنقاش تستعرض الظاهرة واسبابها وجملة من التوصيات لمعالجتها. يومها نصح المشاركون في »القدح« رئاسة المجلس وامانته بالتوجه الى الحكومة واقناعها اولا بأن هناك ظاهرة عنف في الاردن قبل تقديم أية توصية. فالحكومة ما زالت في حالة إنكار تصريحات وزير الداخلية نايف القاضي لوكالة الانباء الاردنية بالأمس اكدت صحة هذا التقرير. القاضي اعتبر ما حصل من احداث داخلية خلال الفترة الاخيرة من الامور العادية وان هناك جهات وعد بالكشف عنها تعمد الى تضخيم الاسباب والنتائج بقصد تشويه حالة الاستقرار والامن.
اذا كان هذا هو التفسير الذي تتبناه الحكومة فهي حقا مثل نعامة تدفن رأسها في الرمال, والاهم من ذلك انها - أي الحكومة - لم تعد قادرة على تحمل مسؤوليات المرحلة وحماية مصالح الدولة والمجتمع.
هل ما يحصل امر عادي? تحطيم وحرق اكواخ الامن العام والاعتداء على الممتلكات العامة ورجال الشرطة, تكسير جماجم المواطنين وقتل اثنين في اقل من اسبوع. استنفار قوات الدرك على مدار الساعة, ردود الفعل العنيفة والجماعية من طرف المواطنين واخطاء بالجملة من قبل رجال الامن!
المجتمع; افراد وتجمعات ومؤسسات يشعرون بالقلق ولا يشاركون الحكومة الرأي بأن ما يجري »امور عادية«.
فالاعتداء على رجال الامن او على المواطنين بهذا الشكل هو اعتداء على هيبة الدولة وتجاوز على سلطة القانون. ونشارك الوزير القاضي الرأي بأن العشيرة ليست في موقع الاتهام واذا ما شعر البعض بأن سلطتها اصبحت تتقدم على سلطة القانون فمرد ذلك خلل في الادارة الحكومية ومؤشر على فقدان الثقة بقدرة المؤسسات على احقاق الحق وتطبيق القانون. ان مظاهر التعدي على هيبة القانون لا تأتي من العشائرية, انما من فئات ونُخب متنفذة فاسدة ومفسدة توظف القوانين لحسابها وتدير الشأن العام وفق مصالحها وبسلوكها هذا تدفع بالآلاف من المحرومين الى التمرد احيانا على سلطة القانون واللجوء الى حضن العشيرة وترفع من درجة التوتر والاضطراب عند رجال الامن ايضا. فهم في المحصلة مواطنون يعانون من مظاهر الاختلال وصعوبات الحياة كما يعاني الآخرون.
اعتقد ان الوقت ليس ملائما لتبادل الاتهامات; فالامور ليست عادية كما تقول الحكومة والعشائرية غير مسؤولة عن تنامي ظاهرة العنف, وتكفي الاشارة هنا ان ضحايا العنف في الاسبوع الماضي هم من ابناء العشائر.
بدلا من القاء التُهم والحديث عن المؤامرات الداخلية والخارجية ينبغي على الحكومة ان تتحمل مسؤولياتها وتقر اولا بخطورة الظاهرة وتشرع في انتهاج سياسات لمعالجتها ولا تكتفي بالعطوات الأمنية. فهذه حلول تجميلية مؤقتة تفقد تأثيرها على المدى البعيد. فالحاجة ماسة لحلول جذرية تعيد الاعتبار لسيادة القانون على الجميع - الكبير قبل الصغير - لا على اهل معان او حي الطفايلة فقط.0