مناسبات منقطعة عن جذورها

تم نشره الثلاثاء 22nd نيسان / أبريل 2014 04:20 صباحاً
مناسبات منقطعة عن جذورها
خيري منصور

كنت في حوار مع صديق حول ما أسميه انقطاع المناسبات الاجتماعية عن جذورها فروى لي حكاية طريفة عما حدث له عندما نجح في الثانوية العامة، فقد أحس كما قال بانه كان طارئا على المناسبة وغير مرغوب في بقائه لان الاحتفال العائلي بنجاحه وليس به، الى الحدّ الذي كانت احدى شقيقاته ترتطم به وهي تحمل صينية اكواب الشراب لكنها لا تراه.. تلك اذن اول عينة من الطلاق بين الناجح ونجاحه، وما حدث بعد ذلك لم يكن بعيدا عن ذلك المشهد النصف كوميدي لان نصفه الاخر مأساوي .

ففي بيوت العزاء، يتم اولا حذف الميت من المشهد، وربما لو حدثت معجزة ودخل الى السرادق قد يجد من يدفعه الى الخارج كي لا يفسد المناسبة خصوصا اذا كانت باهظة التكلفة، او له ميراث يسيل عليه لعاب الورثة!

وقد يصبح العريس ايضا طارئا على عرسه، لانه ليس المقصود بالمناسبة فالحياة اليومية الرتيبة والمتكررة على نحو مضجر تدفع الناس الى ترقب مناسبات معينة واحيانا الى اختراعها كمن يحتلفون باعياد ميلادهم عدة مرات في السنة.

ولكي لا نبقى في نطاق التوصيف لهذه المشاهد، تعالوا نذهب الى ما هو ابعد، والى عمق التكوين النفسي والاجتماعي للافراد. فظاهرة القطيعة بين المقدمات ثقافة تحتفي بالقيمة المجردة، وليس بالكائن الذي يُجسدّها فنحن مثلا نمتدح العروبة ونمجدها في الاغاني والاناشيد لكننا نزدري العربي، ونعلي من شأن القضية الفلسطينية على نحو مجرد ومناسباتي لكن الفلسطيني قد يكون عالقا بين السماء والارض، وبالمقياس نفسه يكون الحب اهم من الحبيب والصداقة اهم من الصديق، حتى الوطن الذي ما ان يتعرض الفرد الى اختبار منسوب وعيه به وانتمائه اليه قد ينتهي الامر بان يكون بمساحة شقة ولا شيء اخر، ولم يكن المثل المعروف مكان ما ترزق الصَق الا تعبيرا عن عدمية وطنية وعدم تبلور ثقافة الانتساب الى مكان ذي تاريخ وذاكرة.

فاذا كان الميت مطروداً من العزاء المقام من اجله وكذلك العريس والتلميذ الناجح كما روى لي صديقي، فأية تقاليد هذه؟

ولماذا نستغرب تفشي الشيزوفرينيا وبائيا في كل مجالات حياتنا فثمة لغة للنهار واخرى لليل وهناك همس باذن القريب مقابل صوت جهوري منافق يقول عكس ما يهمس به.

لقد كتب علماء اجتماع عرب عن ظواهر كالفهلوة والازدواجية والانتهازية لكنها بقيت كتابات في اطارها الاكاديمي اما من يتعجبون من الاحوال السياسية في عالمنا العربي عليهم ان يعودوا قليلا الى التربويات والاعداد النفسي فمعرفة السبب قد تبطل العجب!!.

(الدستور 2014-04-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات