الدولة الاسمية تسمية بلا مسمى

قبل حرب العام 1967 كان مستحيلا على أي نظام عربي التسليم بجريمة اغتصاب غالبية ارض فلسطين في العام 1948 ، اما بعد حرب العام 1967 واحتلال ما تبقى من فلسطين وهو %22 منها فقد نشأ استعداد عربي من خلال قبول القرار 242 بقبول التخلي عن %78 من ارض فلسطين التي احتلت في العام 1948 وقبول حل يعيد ما تم احتلاله في العام 1967 وهو %22 من ارض فلسطين.
ومن خلال قبول العرب واليهود للقرار 242 نشأت صورة خادعة بأن الصراع لم يعد صراع وجود وانما هو صراع حدود وظل جزء من العرب مؤمناً بأن الصراع هو صراع وجود ، وكذلك ظل جوهر السياسة الاسرائيلية متمسكا بعقيدة ان الصراع هو صراع وجود ، وان فلسطين من النهر والبحر هي ارض اسرائيل التاريخية ، وخاصة ان جوهر الاستراتيجية الصهيونية يرى ان نواة الدولة اليهودية تتركز في ما يسمونه يهودا والسامرة والقدس وهي مجمل الضفة الغربية ، وحسب خرافاتهم واساطيرهم الدينية والقومية فان شاطىء فلسطين لم يكن من ضمن دولة داوود وسليمان وكذلك موسى مما يدفع الى التأكيد ان آخر ما يمكن ان يتخلى عنه اليهود هو ما يسمونه يهودا والسامرة والقدس اي الضفة الغربية التي كانت موضع بحث سياسي نظري بدأ بعد العام 1967 ولا زال مستمراً حتى اليوم حيث لم تكن معطيات التشويه السياسية في اي وقت اكثر من طبخة حصى.
لكن اقتضت وتقتضي الحيوية السياسية الانخراط في محادثات ومفاوضات واتصالات وحركة مستمرة في الفراغ لعدم جدية اسرائيل وتصميمها المستمر على عدم اعادة ما تسميه يهودا والسامرة والقدس ولذلك فان كل ما طرح ويطرح هو مشاريع ومبادرات ومقترحات حلول نظرية تفتقر الى الجدية والصدقية وتهدف فقط الى هدر الوقت وتخدر الشعب الفلسطيني الذي امضى اكثر من 42 عاما وهو يركض خلف سراب الحلول.
وعندما يقترح الثنائي بيريز وباراك مشروعا لاقامة دولة فلسطينية مؤقتة على %40 من الضفة الغربية فان المقصود هو اعطاء تسمية جديدة للأمر الواقع الراهن الحالي للتواجد السكاني الكثيف في قصبات المدن والبلدان والقرى في الضفة الغربية بحيث تسمى السلطة الوطنية التي تقوم بدور وكيل أمني واداري حاليا لتخفيف الاعباء عن سلطة الاحتلال والأهم هو توفيرها قناعا للاحتلال ، وهذا القناع يصبح ترويجه عالمياً مقبولا اكثر اذا اطلقتا عليه اسم دولة فلسطينية في ظل احتلال استيطاني عنصري خبيث ولا يهم ماذا يقترح رئيس وزراء السلطة سلام فياض بشأن استصدار قرار من مجلس الامن يعترف بدولة فلسطين وهو قرار شأنه مئات القرارات سيظل حبراً على ورق الا اذا كان المقصود انتزاع التسمية وهو الامر الذي تلقفه شمعون بيريز وايهود باراك وقدموا مقترحهم لانشاء دولة مؤقتة بضمانات امريكية ودولية.. الخ.
خلاصة القول ان ما هو قائم قديما وحتى اليوم هو تشغيل طاحونة الكلام المجاني والحلول النظرية ، وكل ذلك لهدر الوقت لتكريس الاحتلال الاسرائيلي واستمرار الكيان الصهيوني في خلق وقائع جديدة لابتلاع الضفة الغربية وهضمها تدريجيا والاصرار الصهيوني على ان الصراع هو صراع وجود عملياً ، ولا مانع ان يكون صراع حدود نظري