دفن الصوت الواحد لإحياء الاصلاح السياسي

اتخذ مجلس الوزراء الخطوة الاولى لتعديل قانون الانتخاب عندما اعلن عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء نادر الذهبي لهذه الغاية. لم تكشف اللجنة بعد عن خطة عملها, لكن الوقت المتاح امامها قصير وعليها ان تشرع في العمل بأسرع وقت, والمؤكد انها وفي غضون ايام قليلة ستجتمع لتبدأ العمل من اجل انجاز المهمة الصعبة.
حسب المعلومات المتوفرة لا يوجد لدى الحكومة تصور متكامل حول طبيعة التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب, وهناك آراء متباينة في مجلسا الوزراء حول هذا الموضوع.
فمن اين ستبدأ اللجنة اذا؟
اعتقد ان المدخل الذي يوصلنا الى قانون جديد اكثر تطورا وعصرية ويخدم عملية الاصلاح السياسي والتنمية الحزبية هو الاقرار بان نظام الصوت الواحد بصيغته الحالية والمطبقة لا يصلح للمرحلة المقبلة ولا يحقق اهداف الاصلاح المنشودة, وان اي تعديل يتجاهل هذه الحقيقة سيعيدنا الى المربع الاول وينتج مجلسا نيابيا منسوخا عن سلفه. اذا ما جرى التوافق داخل اللجنة الوزارية على هذا الامر فان الخطوات التالية تصبح ميسرة وعندها ستجد الحكومة ان امامها سلة مليئة بالصيغ البديلة لتختار منها ما هو مناسب لعملية الاصلاح السياسي وتطوير الحياة البرلمانية. المهم اولا ان نكسر »التابو« المتمثل بالصوت الواحد القائم. ولا يصح ان نهدر الوقت في الدفاع عنه ولا اتصور ان شخصا يجرؤ على ذلك لان التجربة مع هذا النظام الانتخابي منذ تطبيقه قبل 16 عاما هي التي اوصلتنا الى ما نحن فيه من تراجع ونكوص, وهي التي دفعت بجلالة الملك الى اتخاذ قرار بحل مجلس النواب بعد عامين فقط على انتخابه والطلب من الحكومة صراحة تعديل قانون الانتخاب.
لقد ساهم »الصوت الواحد« والى جانبه نظام تصغير الدوائر الانتخابية في اضعاف اللحمة الوطنية وتمزيق المجتمع واحياء الولاءات القبلية والهويات الفرعية وتكريس صورة نائب الخدمات التابع للحكومات بدلا من ان يكون رقيبا عليها ومشرعا لها.
منذ انتخابات 93 والحياة النيابية في تراجع عبّرت عنه استطلاعات الرأي بوضوح حيث الثقة الشعبية المتداعية بالنيابة وبالنواب. وازاء حالة الضعف التي اعترت دور النواب كان من الطبيعي ان تضعف الحكومات ايضا وتفقد هيبتها. وفي المحصلة نشأت حالة غير مسبوقة من التردي في الحياة السياسية الاردنية وكثرت التعديات على الدستور والمؤسسات وسيطرت على الرأي العام حالة من اليأس والاحباط لا يمكن ان يخرج منها الا بتغييرات جذرية واساسية على اسلوب ادارة الحكم, وفي المقدمة منها استعادة السلطة التشريعية لدورها الدستوري. فمن تحت قبة البرلمان تبدأ عملية الاصلاح.
التمسك بالصوت الواحد يعني إبقاء الوضع على ما هو عليه, اما اذا اردنا الاصلاح والتطوير فعلينا من الان إلقاء القانون السابق في سلة المهملات.0