هيبة الدولة ليست مسرحا للاستعراض

تم نشره الخميس 03rd كانون الأوّل / ديسمبر 2009 03:47 صباحاً
هيبة الدولة ليست مسرحا للاستعراض
محمود ابراهيم الحويان

سوف ابدأ مقالي من أمام بوابة القصر الملكي للعائلة المالكة في بريطانيا ، وبالتحديد يوم التاسع عشر من نوفمبر الفين وثلاثة ، عندما استقبلت الرئيس الامريكي جورج بوش الابن ، بعد مرور اشهر فقط ، على سقوط بغداد .

حينها تدخـّل الامن البريطاني بقوة وكثافة ، لفض مظاهرة ضخمة ، امام القصر ، ترفض الزيارة ، ما اضطر الضيف ، ان يدخل من البوابة الخلفية للقصر ، بينما كانت حوافر الخيل العسكرية ، تدوس صدور وعظام البريطانيين ، وتركل رؤوسهم وامام عدسات المصورين .

ثم اذهب معكم الى الحديقة المقابلة للبيت الابيض في واشنطن العاصمة ، حيث كانت الشرطة الامريكية تجرّ الامريكيين من ارجلهم ، وتربط ايديهم ، وتخلي الشوارع منهم ، رغم انهم كانوا يحملون يافطات فقط ، تندد بالتدخل الامريكي في العراق وافغانستان( وهنا لا ادعوا ابدا الى العنف بين الشرطي والمواطن) لكن ضبط الامن احيانا بحاجة لأدوات .

والامثلة لا تقتصر على منارتين ، من منارات الدول العريقة في الديموقراطية ، بل هناك الكثير من الدول ، التي ترفع العصا الغليظة في شوارعها ، لضبط امنها ، وان لم تفعل ، سيصبح الناس فوضى ، ويختل النظام .

اعود الى عمان ، بعد ان اشبعنا بعض الغربان ، السوداء في الوانها وقلوبها حقدا عليها ، وهي تنعق في كل حين ، وتصوّر بكاميراتها كل حادثة فردية او جماعية وتضخـّمها في كل مناسبة ، حتى انتشرت المواقع على اليو تيوب ، تصوّر احداثا نعرف دوافعها ، ومن اشعلها ، ولمصلحة من. ان الديموقراطية حق وقيمة ، لكنها سلاح ذو حدين ، ولا يمكن اسخدامها بشكل صحيح ، الا من قبل الفرد المتحضر الواعي ، الذي يقف على الاشارة الضوئية ، بعد منتصف الليل ، دون خوف من كاميرا تضبطه ، او شرطي سير يحرّر له مخالفة.

هجمتان شرستان ، مدفوعتا الاجر ، تم شنهما على الاردن والشعب الاردني في الاشهر الماضية ، وساكون صريحا الى ابعد الحدود ان قلت: إن العشائرالاردنية والامن الاردني ، هما اللذان تعرضا للتجريح والتشويه ، ووضعا في قفص الاتهام ، من فئات طارئة على الوطن.

ان هذا الوطن ، لم يبنيه ولم يحافظ عليه ، منذ بداية تكوينه ، الا العشائر وابناء العشائر ، مدنيين وعسكريين ، الذين ضحّوا من اجله بدمائهم ، ودماء ابنائهم ، من اجل ان يبقى عزيزا قويا ، ثابتا كالجبال.

لكن الحقد الدفين ، والنوايا الخبيثة عند البعض ، تلصق اية حادثة تحدث بين اثنين بالعشائرية ، حتى ان سائحين في البتراء ، تشاجرا قبل اسابيع فانبرى احد المواقع الالكترونية ، التي لا تريد خيرا للاردن ، ليقول عنها: إنها مشاجرة عشائرية ، وتم تدارك الخطأ بعد ساعات ، ولكن هل كان بالفعل خطأ؟ ام انه مقصود؟. فلم تكن العشائر يوما من الايام ، الا اليد القوية الرديفة ، المنتجة للامن الاردني ، منذ قيام الدولة الاردنية ، بل ربما قبلها بعقود ، فمنهم رجال الامن عندنا ؟ اليسوا من ابناء العشائر؟ الذين فضّلوا حماية الوطن ، على العمل في مواقع اخرى مدنية ، كانت لتعود عليهم باضعاف اضعاف رواتبهم؟

ان ما يحدث على الارض الاردنية ، منذ اشهر ، وهو ما لم نعتد عليه مطلقا ، من تشويه لصورة الامن الاردني ، والزجّ بالعشائر لامر يندى له الجبين ، خاصة عندما يأتينا من بعض ابناء هذا الوطن.

اهذا جزاء (سنمار)؟ ولمن لا يعرفه اطلب منه الرجوع للتاريخ ليقرأ القصة ، ويدرك العبرة والمغزى ، وان اسوء ما يمكن للمرء ان يصنعه ، هو ان يمسك المعول بيده ويبدأ التخريب باركان البيت الذي يحميه ، وهو يفعل ذلك فقط ، في حالات معينة ، فهو اما انه مجنون ، او جاهل ، او خائن ، او عميل ، وفي جميع الحالات ، هو خارج على القانون ويجب وقفه.

احداث كثيرة وكبيرة ، تعرضّ لها الاردن ، وتم استهدافه خلالها ، ولكنها جميعا كانت من خارج الحدود ، حتى هذا العام ، المشؤوم لان السوس جاء هذه المرة من الداخل ، بحجة المطالبة بمزيد من الديموقراطية وحقوق الانسان ، وهناك من الذين يرقصون على حبالها ، ولا يعون ماذا وراء الاكمة من دمار وتدمير لهيبة الدولة. ان رجل الامن في أي موقع يكون فيه ، هو صديق للمواطن من شتى اصوله ومنابته ، وحريص على امن واستقرار الوافد والزائر والسائح ، وان الخروج على الشرطي او رجل الدرك ، هو خروج على القانون ، وتحدّ لهيبة الدولة.

مع الاعتراف ان هناك اخطاءً فردية ، قد تحدث احيانا ، من قبل بعض رجال الامن والدرك ، بسبب احتكاكهم بالمدنيين ، ومحاولة اعادة الامن والسكينة الى حالها الطبيعي ، او عند القيام بالقاء القبض على بعض الخارجين على القانون ، والمطلوبين وذلك خلال محاولتهم الافلات ، والهروب من موقع الجريمة . كما ان محاولة الزج باسم العشائرية ، في كل مشكلة ، هي محاولة لزرع فتنة عظيمة ، لن تكون العشائر حيالها ، لترضى بالاتهام وتقبل به ، لانه اعتداء على حواضن المجتمع ، وعلى رموز ومرجعيات ، تجمع الخير والعطاء والتكافل بين ابنائها ، ولا يقبل عاقل ان توجه التهم جزافا للعشائر. ان ما ادعوا اليه هنا ، هو ان الحرية في التعبير عن الرأي ، مصونة للجميع وبلا استثناء ، وان العقلاء كثيرون في هذا البلد ، وان الحلماء كثر ، لكني احذر من غضبة الحليم ، لان للصبر حدودا ، وان المجتمع بجميع مكوناته ، مدنيين ورجال امن ، هم ابناء هذا الوطن ، يعملون من اجله رقيه ، وازدهاره .ولقد شاهدت بأم عيني ، في كثير من عواصم العالم المتحضر ، كيف ان الامن يلجأ للقوة ، لضبط الامن ، واعادة الهدوء ، ومن منا ينسى ذلك الحريق ، الذي شبّ في مدينة نيويورك قبل سنوات ، بسبب انقطاع التيار الكهربائي ، عندما اقتحم بعض الناس المحلات التجارية ، وكسّروها وسرقوها ، ولم تستطع الشرطة الامريكية صدّهم ، ما حدا بالجيش الامريكي ان يتدخل ، وبعنف ، لضبط الامن والنظام. ان المأمول من ابناء هذا الوطن الاعزاء ، ان يكونوا على قدر كبير من الوعي والمسؤولية ، فالكل اخوة ومواطنون ، لهم حقوق وعليهم واجبات ، وأستغرب ان البعض لم يدرك حتى هذه اللحظة ، قيمة الامن والاستقرار عندنا ، ونراه وهو ويستغرب كيف يلجأ الامن لفرض الامن بالقوة.

هي دعوة للاعلام الإلكتروني خاصة ، وهم زملاء مهنة واعزاء ، ان نتقي الله بالاردن ، وان لا نفتح المجال لتعليقات ، اقل ما يقال عنها: إنها غوغائية جاهلة ، فنحن جميعا في سفينة واحدة ، وكلّ منا له موقعه ، والسفينة في عرض البحر ، والريح شديدة ، وبعض الركاب يضع حديدته تحت ابطه ، يريد ان يحفر لنفسه ثقبا.

هنا تكون المفارقة ، بين من يقول: إن هذا الامر لا يعنيني ، وبعدها يُدخل الماء الى السفينة ، وتغرق بمن فيها ، بحجة الحرية المطلقة للفرد ، وبين من يمسك يده ، ويأخذ الحديدة منه ، ويلقيها في البحر ، ويردعه من اجل مصلحة الجميع.

ان الامن الوطني في هذا البلد ، مستهدف ، وان المؤامرات يُدفع لاصحابها بالعملة الصعبة ، وتبدّل حالهم من حال الى حال - حتى اصبحوا كالقطط السمينة - واضح لا يحتاج الى دليل.

هنا أدعو من خلال موقعي كاعلامي وصحفي ، ومن ابناء هذا الحمى العزيز ، ان نعيد الاحترام للعشائرية ، تلك الحاضنة العزيزة ، التي لم تخذل الاردن يوما من الايام ، وان نعيد الهيبة لرجل الامن في أي موقع يعمل فيه ، لان هيبته من هيبة الدولة ، وان نفعـّل القانون ، الذي يحاكم المجرم ويحمي المجتمع.

اما اصحاب صكوك الغفران ، من المتنطـّعين بحقوق الانسان ، فنقول لهم: انتم لستم في السفينة ، لان ارصدتكم واموالكم خارج البلاد ، وجوازات سفركم في جيوبكم ، تغادرون على اول طائرة ، لكننا نحن ركاب السفينة ، ولن نسمح لاحد مهما كان بخرقها ، لاننا في النهاية ، ندافع عن حياتنا وحياة ابنائنا.

ان هيبة الدولة ، ليست مكانا للعب لاي احد كائنا من كان ، وان الامن الوطني والاجتماعي يتعرض الان و للاسف الشديد للخطر من قبل البعض ، وخاصة من الصغار ، الذين لم تتغبّر وجوههم في صحراء الاردن ، ولم تلفحهم شمسها في يوم من الايام ، بل انهم لم يقدموا شيئا يذكر للوطن ، فهم الطارئون عليه ، والآكلون من لحمه ، يلوكونه وهم يضحكون.

لذلك هي دعوة لكل رجال وشباب الوطن ، ان احذروا من ردم السور المنيع ، الذي يحميكم ، فالامن هو منكم ولكم ومن اجلكم ، فتوجّهوا صوب السور ، ودافعوا عن المدينة ، وذودوا عن الوطن ، بكل ما اوتيتم من قوة.

حمى الله الاردن ، وقائده وامنه الوطني الساهر على راحته وسكينته ، وايد شعبه وابناءه ، وردّ كيد الحاقدين المارقين الى نحورهم.

HOYANM@YAHOO.COM



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات