المنافسة على الرئاسة المصرية تمر بشبكات التواصل الإجتماعي

سُئل مرشحا الرئاسة: «كيف ستحل مشكلات الامداد بالكهرباء؟». فقال حمدين صباحي: «سنستغل الطاقة الشمسية». وبين عبد الفتاح السيسي قائلا: «سنتحول الى استعمال مصابيح اقتصادية». و»كيف ستحل مشكلة البطالة؟» فأجاب صباحي: «سنطهر القطاع العام من الفساد. وأجاب السيسي: «سنمنح العاطلين عن العمل عربات لبيع الخضراوات».
لم تقع هذه المواجهة في الواقع لأن مرشحي الرئاسة في المعركة الانتخابية في مصر – التي يبدأ التصويت فيها اليوم ويستمر غدا – لم يوافقا على اجراء مواجهة تلفازية. ولذلك افتتح مؤيدو صباحي، المرشح الليبرالي اليساري موقعا خاصا في الشبكة عرضت فيه الاسئلة أما الاجوبة فكتبت بالاعتماد على اقتباسات من مقابلات صحافية أجراها المرشحان في الصحف.
تعمل مع هذا الموقع عشرات المواقع في الشبكة، وحسابات فيس بوك وتويتر فتحها نشطاء من الطرفين، يحاولون تجنيد مئات آلاف الناخبين للتصويت لمرشحهم. وللمرشحين ايضا حسابا فيس بوك «رسميان»، أما السيسي فله مليون صديق وأما صباحي فله 660 ألفا فقط. ويبدو أن ملايين المصريين سيتصفحون اليوم وغدا صفحات الفيس بوك ويتلقون رسائل في تويتر، برغم أن لا أحد يتوقع مفاجآت لأن السيسي بحسب جميع استطلاعات الرأي والتقديرات سيكون الرئيس المصري التالي، والسؤال هو فقط بأية درجة مئوية سيخسر صباحي.
تبرهن هذه المنافسة السياسية مرة اخرى على قوة وسائل الاعلام الجديدة على صوغ الرأي العام المصري وادارة الحوار العام. فبعد المقابلات التلفازية التي أجراها صباحي والسيسي كل واحد على حدة في الشبكات المصرية، دُعي قراء صحيفة «الوطن» للمشاركة في استطلاع للرأي أراد الفحص أيهما نجح أكثر. فحصل صباحي على 64 بالمئة أما السيسي فعلى 36 بالمئة. لكن السيسي فاز فوزا ساحقا في الشبكات الاجتماعية.
هذه هي المرحلة الجديدة في استعمال الشبكات الاجتماعية منذ كانت ثورة 2011. ففي المرحلة الاولى قبل الثورة استُعملت في الاساس وسيلة تجنيد متظاهرين ونشر معلومات. وفي المرحلة الثانية، بعد سقوط مبارك، بدأت تستخدم منبرا للنقاش في المعركة الانتخابية الاولى لمجلس الشعب وصوغ مطالب منظمي الثورة. وأما بعد اجراء الانتخابات الاولى، وقبيل الانتخابات الرئاسية، فقد حصلت الشبكات الاجتماعية على مهمة جديدة إذ بدأت تعمل مثل برلمان بديل يراقب أداء الحكومة الجديدة وأداء الرئيس محمد مرسي بعد ذلك. فلم يبق للصحف المطبوعة الحكومية والخاصة ولمحطات التلفاز كذلك سوى أن تتخلف وراء الاخبار والتحليلات الصحافية التي نشرت في الشبكات – وبذلك منحت هذه الشبكات شرعية عامة واسعة.
يبدو الآن أن الشبكات الاجتماعية تتولى دورا جديدا – ليس هو تجنيد دعم للمرشحين أو انتقاد لخططهما فقط – بل إحداث معارضة غير رسمية، مع اكتسابها لأنفسها منزلة حامية الجمهور التي سيضطر كل رئيس حتى لو كان مُشيرا الى التفاوض معها. ولا يعبر مُستعملو هذه الشبكات الذين منحوا السيسي تأييدا واسعا في حربه للاخوان المسلمين عن الرأي العام فقط بل تُملي بقدر كبير مقدار الضغط الذي ينبغي استعماله على نظام الحكم. صحيح أن ليس كل مواطني مصر يشاركون في الحوار الافتراضي كما لم يشاركوا جميعا في المظاهرات لأن الحواسيب ما زالت منتوجات باهظة الكلفة على أكثر المواطنين. لكن يمكن نقل رسائل قصيرة بالهواتف المحمولة التي تبلغ نسبة انتشارها نحوا من 130 بالمئة. هآرتس