الاستعداد لما بعد الأزمة

باستثناء بعض الشركات العقارية التي أخذت على عاتقها مشاريع كبرى تفوق قدراتها المالية والإدارية، ظنا منها أن تسهيلات البنوك متاحة بدون حدود، فيما عدا ذلك، فإن الأزمة العالمية صححت بعض الموازين الاقتصادية والمالية، وأعطتنا من النتائج الإيجابية ما كنا نعجز عن تحقيقه.
على حساب التكرار نذكر بأن الأزمة العالمية خفضت أسعار البترول والمواد الغذائية وخاصة الحبوب والأعلاف، مما وفر على الأردن نحو مليارين من الدنانير. وفي الوقت ذاته تم تخفيض العجز التجاري وعجز ميزان المدفوعات إلى النصف، مع بقاء احتياطي البنك المركزي في حالة تصاعد، ولم يتأثر النمو أو السياحة أو حوالات المغتربين إلا في نطاق ضيق وغير مؤثر.
في الأخبار الآن أن بوادر الانتعاش الاقتصادي في بلدان الأزمة بدأت بالظهور، وأن انتهاء الأزمة المالية والاقتصادية وذيولها أصبح وشيكا، وأن عددا من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وصلت إلى حالة استقرار، وسجل بعضها الآخر قراءات إيجابية.
المكاسب الاقتصادية والمالية الأردنية التي تحققت نتيجة للأزمة أصبحت إذن مهددة بالخطر لزوال أسبابها، فسعر برميل البترول مرشح للارتفاع، والتضخم وارتفاع الأسعار يدق على الأبواب، فهل يعود العجز التجاري إلى الارتفاع، وهل تتسع الفجوة في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وهل يذوب جانب من احتياطي العملات الأجنبية الذي تراكم في البنك المركزي، وهل ينطلق التضخم من عقاله...
كل هذه المخاطر يجب أن تظل بالبال، وبقدر ما شكونا دون مبرر من آثار الأزمة العالمية، فإننا قد نشكو بمبرر من آثار انتهاء الأزمة وعودة المياه إلى مجاريها في الاقتصاد العالمي، ومقولة أن مصائب قوم عند قوم فوائد قد تنعكس وتصبح فوائد قوم عند قوم مصائب!.
من الطبيعي أن تستعد الحكومات تجاه أخطار الأزمات التي تلوح في الأفق، وفي حالتنا عليها أن تستعد لمواجهة أخطار انتهاء الأزمة وعودة الانتعاش للاقتصاد العالمي.
الاستعدادات المطلوبة تتعلق باحترام الموازنة وما يتعلق بها من عجز ومديونية، والوضع النقدي فيما يختص بأسعار الفائدة وتوفر التسهيلات المصرفية، والتحرك بحذر في مجال المشاريع الكبرى، وهي بعض المهمات التي يجب أن يضطلع بها الفريق الوزاري الاقتصادي الجديد.