هل بدأ التغيير حقا؟

يبدو ان قطار التغيير وما يحمل من مفاجآت لن يتوقف عند حل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة, فبالامس اضطر رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي الى تقديم استقالته واعتزال الحياة السياسية بعد ايام على تكليف الرفاعي الابن برئاسة الحكومة.
استقالة الرفاعي لم تكن مبرمجة, فقبل اسبوع من استقالة حكومة الذهبي تم التجديد له في رئاسة الاعيان, لكن الرجل صاحب الخبرة الطويلة وجد انه من غير المناسب ان يستمر في موقعه التشريعي الى جانب نجله في الموقع التنفيذي واغتنم المناسبة لينهي رحلة دامت 52 عاما.
سترى حكومة سمير الرفاعي النور, ويتوقع مراقبون ان يتلو هذه الخطوة سلسلة من التغييرات في مؤسسات ومواقع رسمية عديدة, وبدأت الاوساط السياسية تتداول اسماء المرشحين لتولي المسؤولية في اجهزة ومؤسسات امنية وسياسية. التقديرات تشير الى انه ومع نهاية العام الحالي سنكون امام صف جديد من القيادات في معظم مؤسسات الدولة.
من المبكر الحكم إن كان التغيير في الاشخاص سيطال السياسات واساليب ادارة شؤون الدولة.
التجارب السابقة تدفع بالمراقبين الى ابداء قدر كبير من الحذر, فقد شهدت البلاد من قبل تغييرات في الاشخاص وتوزيع الصلاحيات وتدويرها احيانا, غير ان ذلك لم يساهم في دفع عجلة الاصلاح الى الامام.
ولهذا السبب لا يبدي الرأي العام تفاؤلا بانتظار خطوات يلمس من خلالها تحسنا في الاداء العام للمؤسسات ينعكس بشكل ايجابي على الوضع الاقتصادي والمعيشي, ويعيد بناء جسور الثقة بين طرفي المعادلة الوطنية »الدولة والمجتمع«, بعد ان تلبد الفضاء العام للبلاد بازمات على المستويات كافة حل مجلس النواب كان بداية صحيحة تبدت نتائجها على الفور حيث عم الارتياح الاوساط الشعبية واستعادت الدولة من خلالها قدرا كبيرا من التأييد. الخطوة الثانية واعني تكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة لم يحقق بعد الاثر المطلوب, فالانطباعات السائدة ما زالت في الذاكرة الشعبية ويحتاج تغييرها الى جهود كبيرة لتعديل المزاج العام, لكن ينبغي الحذر من رفع سقف التوقعات, فالحكومة الجديدة مهما امتلكت من الكفاءات لن تكون - في الهامش الزمني المتاح - قادرة على تحقيق انجازات كبيرة, ويكفي ان تهيئ الاجواء لاجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وفق قانون جديد يفرز مجلسا نيابيا يعكس الارادة الشعبية الطامحة الى الاصلاح والتغيير.
ان التغييرات في الاشخاص هي مجرد بداية لا يمكن الحكم على نتائجها قبل ان نرى تبدلا جوهريا في السياسات واسلوب الادارة وليس مجرد »صناعة ترفيه« على حد وصف الدكتور طاهر كنعان.0