السعيد من اتعظ بغيره

تم نشره الثلاثاء 15 كانون الأوّل / ديسمبر 2009 01:12 صباحاً
السعيد من اتعظ بغيره
ياسر أبوهلالة

ولدت المملكة الأردنية الهاشمية  من اندماج الضفتين أرضا وشعبا، وفي لحظة الميلاد ناقش الآباء المؤسسون هوية البلاد. وكان ثمة مطلب واضح كما تظهر محاضر مجلس النواب من أبناء الضفة الغربية لتثبيت الهوية الفلسطينية في الدستور، وكان المطلب محقا، لكنه استعيض عنه بالعروبة وجاء الحل بعبارة "جزء من الأمة العربية". ولم تكن الوحدة على حساب حق العودة بل كانت مشروطة به. 

وبعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية توسعت قائمة الحقوق الفلسطينية، وامتدت القائمة لتشمل القدس والدولة وعودة النازحين إضافة إلى اللاجئين. ومع  تمادي الإجرام الصهيوني أضيفت حقوق لم تكن بالحسبان كوقف الاستيطان وإزالة الجدار العازل وتحرير الأسرى ورفع الحصار وغير ذلك من حقوق منتهكة أو مسلوبة. وهي  حقوق تخص الأردنيين من أصل فلسطيني كما تخص الأردنيين بعامة.

عندما صدر قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية  لم تتحرك مظاهرة واحدة بالضفة الغربية تطالب بالحفاظ على الوحدة. لم يكن ذلك رغبة انفصالية بقدر ما كان تعميقا للهوية الفلسطينية ومحاولة لتجسيد حلم الدولة على الضفة وغزة. يومها لم تزد دوائر الضفة الشرقية على حساب الغربية بل ألغيت دوائر الأخيرة  باعتبارها حيز الدولة التي تحولت إلى سلطة. يومها غلب الأردن على أمره ولم  تدرك المنظمة أي خطأ ترتكب عندما تلغي دائرة القدس الانتخابية. 

حظي قرار فك الارتباط بما يشبه الإجماع فلسطينيا وعربيا وأردنيا، القوة الوحيدة التي اعترضت لأسباب إيديولوجية كانت الإخوان المسلمين إلا أنها شاركت وجميع القوى السياسة بانتخابات 89 التي كرست دوائر الضفة الشرقية كما هي. يومها شاركت كل القوى بما فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في الانتخابات وفي الميثاق الوطني. ولم نسمع يومها حديثا تقسيميا على أساس غرائزي للأردنيين والفلسطينيين.

قامةٌ مثل الراحل إبراهيم بكر وهو من مؤسسي المنظمة كان يدرك أن الإصلاح السياسي الذي يبني أردنا ديموقراطيا  قوة لفلسطين، وأن الأردنيين تحت سقف الدستور شركاء بعيداعن منطق المحاصصة والحسابات الضيقة. لذلك وعلى قول أحمد عبيدات رئيس لجنة الميثاق فإنه كان يخشى من إبراهيم بكر وأحمد قطيش أبرز قيادات الحركة الإسلامية لكن الراحلين كانا القوى الدافعة للميثاق على اختلافهما الفكري.

لا يحتاج الفلسطيني إلى السفارات الغربية في عمان لتعيد تعريف حقوقه، حبذا لو تتحرك تلك السفارات للمطالبة بحق مليون نازح فلسطيني بالعودة للضفة الغربية، وبالمناسبة هذه ضمن المرحلة الانتقالية في أوسلو المفترض أنها انتهت عام  1999 ، وحبذا لو تتحرك تلك السفارات في سبيل السماح بدخول لقاحات انفلونزا الخنازير إلى غزة، وحبذا لو تطالب بتطبيق مبدأ المساواة بين الوزن الديموغرافي والوزن السياسي في حدود فلسطين التاريخية. وحبذا لو تغطي عجز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الأردن العاملة منذ ستين عاما من دون عودة،  وحبذا... وحبذا لو تتركنا وشأننا.

إن الحديث عن محاصصة سياسية في الحكومة ومجلس النواب هو مؤامرة على الفلسطينيين والأردنيين معا، وفي لبنان والعراق نموذج معاش؛ لنتائج  المحاصصة. والسعيد من اتعظ بغيره .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات