فات أوان الاعتذار!!

تم نشره الإثنين 14 تمّوز / يوليو 2014 01:43 صباحاً
فات أوان الاعتذار!!
خيري منصور

لأنهم لم يستطيعوا إغراق غزة في البحر كما تمنى ذلك الجنرال الذي تسلل اليه الدود وهو حي، حاولوا إغراقها في الدم، لكنها الآن تطفو على دمها مثلما طفت على بحرها، وهي كريمة إلى حدّ الاعتذار لمن أفسدت الشاشات عليهم الاستغراق في متابعة المونديال!
وكريمة إلى حد الاعتذار لتوأمها الذي اضطر من باب الخجل لان يصحو من الندم ويرد على الهاتف الذي يقطر رنينه دماً، ويخبره بأن أخاه يذبح بسكين أعمى.
غزة الأدرى بغزاتها لأنها جربتهم وكسرت سيوفهم وحولت التابوت الى مهد، وخريف العرب الى فصل خامس لا تزهر فيه غير اشجار الكبرياء!
هي التي تعتذر لنا عن افساد ليالينا المثقلة بالتخمة والكوابيس والنميمة.
أما نحن ففي واد آخر، هو الارجح غير ذي زرع او حتى ضرع.
ورغم الغنى الفاحش للغتنا في المترادفات إلا أن مفردات كالعقوق والنذالة والخذلان وقلب ظهر المجن وبتر ثدي الأم تبقى قاصرة عن توصيف ما يعصف في آذاننا من صمت، تجاوز التواطؤ الى المشاركة، وألغى المسافة بين العدو والشقيق.
إنّ غزة ليست (غزية) التي قال شاعرها انه يتبعها في الغواية والرشد وليست قطعة من الجغرافيا قذفها الزلزال من نيوزيلندة الى الشاطىء الشرقي للبحر المتوسط في كل شيء إلا في العنف والدم.
فيا غزة هل نشك في أمنا ونصدق أنك لست الشقيقة البكر؟
لا... لن نفعل ذلك لأن الزنا التاريخي كان بعيدا عن الأم وألف ألف حاشا..
ما الحكاية اذن وما هو اللغز، هل تسربت حبوب منع التحول والغضب والعصيان الى دوراتنا الدموية من خلال شاي مهرب وقهوة مخلوطة بمسحوق اللامبالاة!
أنت تدفنين أبناءك وبناتك وشقيقاتك وآباءك وأمهاتك ونحن نحصي.. لأننا لا نتقن غير مهنة الاحصاء، سواء تعلقت بالربح من تجارة النخاسة او بعدد شهدائك.
ما من اعتذار إليك وإلى كل طفل تشتبك أصابعه النحيلة بأصابع أمه المرتعشة هلعاً عليه إلا بالقفز إليك.
لأنك الآن جديرة بأن يخلع الجسد من أجلك، وتبقى الروح شفيفة ونظيفة تقدم إليك الاعتذار، ظلام لياليك أشد إضاءة من كل هذه الكهرباء لأنها نهار كاذب، كم أنت كثيرة لأنك وحدك، وكم نحن قليلون لأننا أرقام استمارات وجداول وفواتير!

(الدستور 2014-07-14)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات