فاصل بين شهيدين !!

تم نشره الأحد 03rd آب / أغسطس 2014 01:13 صباحاً
فاصل بين شهيدين !!
خيري منصور

الشيء الوحيد -وحاشا أن يكون مجرد شيء- الذي نستأذن منه الآن هو الدم، فهل يأذن لنا بجملة معترضة في هذا الكتاب الداجن، وبفاصل سواء كان بين شهيدين أو منزلين مقصوفين، فالمفارقة الآن هي أن من أصابعهم في الجمر ودمهم يسبقهم إلى المواجهة أهدأ أعصابا وأشد تماسكاً وأكثر تواضعاً من هؤلاء الذين لم يبق شرش واحد فيهم لم يطق بدءاً من شرش الحياء فيما مضى كان العميل أو السمسار أو آكل لحم أخيه أو سموه ما شئتم فقاموس النذالة يتسع، لا يجهر بالنهيق أو النعيق ويحاول قدر الإمكان أن يستتر لأنه مبتلى بما نعف عن ذكره! لكنه الآن الأعلى صوتاً بل الأنكر صوتاً لأنه يسند ظهره إلى عدو يستخدمه كقيطان حذاء، وأحياناً يمتطيه ليصعد إلى نافذة يتسلل منها لذبح أخيه.
نعم، الضحية الآن أبلغ في صمتها لأنها توضأت من دمها، لهذا بدأت المعادلات تنقلب تباعاً.. فذوو البُعْدى حلّوا مكان ذوي القربى وأصبحت فلسطين برازيلية وبوليفية وأرجنتينية، إلى آخر القائمة اللاتينية، وهذا ما حدث عام 1982 بعد سقوط آخر ورقة توت عن أمة زفت في تابوت عندما كتبت صحيفة يونانية: اليونان هي البلد العربي الوحيد الذي قدم العشاء ما قبل الأخير للفلسطينيين عندما مروا بالقرب منها وكانت الدلافين والفقمات هي ما يحرس الباخرة التي لم يزعم قبطانها بأنها سفينة نوح! يومها أنهى عمال المخابز إضرابهم كي يدعوا الغرباء إلى العشاء في عرض بحر كان ذات يوم أبيض ومتوسطاً.. ثم أصبح زواجها مقدساً بين الدم والدمع! فكيف أصبح هؤلاء من الثاكل إلى اليتيم إلى من ودع أبناءه الخمسة أكثر هدوءاً ممن غمس رغيفه في ثريد من ماء الوجه، وجاع فأكل بثدييه كنساءٍ لم يرضعن حليب العفة من أمهات يتقدمن نحو تخوم الأسطورة.
إن الحرب الآن ليست محصورة في ميدان أو مخيم أو شاطئ أو مدرسة أو مسجد، فهي تمددت لتصبح بسعة الكوكب، ما دام جلبرت النرويجي يجري جراحة لطفل فلسطيني في ضوء هاتف وما دام جون الأمريكي يهتف أمام البيت الأبيض مطالباً بلاده بإعادة حصته من الضرائب التي تتحول إلى ذخيرة لإسرائيل وما دام اللاعب البرازيلي يهدي كؤوسه ومجمل ما حصل عليه إلى غزة، وما دامت رئيسة الأرجنتين تقود مليونية في مظاهرة لأجل فلسطين وما دام محمد وجورج وشانغ وديفيد وكوفمان يهتفون باسم بلاد خذلها الأقربون!!

(الدستور 2014-08-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات