مبدعون اردنيون وعرب يتحدثون عن دور المثقف في تعرية العدوان على غزة

المدينة نيوز:- المثقفون هم ذاكرة للزمان والمكان القادرون على تخليد وقائع التاريخ وحفظها وحمايتها من التزييف، ولأن غزة جزء عزيز من فلسطين المحتلة التي ما زالت تعاني ويلات الاحتلال الصهيوني وممارساته التعسفية ، فان المثقف قادر على إقناع الرأي العام وتنويره بعدالة القضية الفلسطينية، وكاشفا عن اساليب الاحتلال الوحشية في قتل المدنيين من اطفال ونساء وكبار السن، والتدمير ووسائل العقاب الجماعي وهدم البيوت واماكن العبادة .
في هذا السياق يقول الكاتب والباحث الليبي مصطفى حمودة لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان على المثقف التبصير بسياسات العدو الصهيوني ، والكشف عن ممارساته الوحشية تجاه فلسطين المحتلة والدول العربية .
ويضيف : على المثقف الفلسطيني أن يشكل مع رفاقه حركة ثقافية أدبية وطنية تحررية ذات مشروع وطني تحرري، يرصدون كقوة واحدة واقع أزمة بلادهم في إنتاجهم الأدبي من روايات، قصص، شعر، نثر، دراسات، بحوث ومقالات , وعلى السلطة الفلسطينية أن تهتم بمسألة إصدار نتاجهم وكذلك على عاتق الجامعة العربية لم شمل المثقفين العرب ومثقفي العالم الاحرار المتعاطفين مع القضية لإنجاز مادة منهجية تدرس للنشء في الوطن العربي والامة الإسلامية حول تاريخ فلسطين القديم والحديث، ورسم جغرافيتها البشرية، الاجتماعية، الادبية والثقافية وغيرها .
ويرى رئيس منتدى الدراما الاردني الفنان محمد القباني أن ردود فعل العديد من المؤسسات الثقافية والمبدعين العرب ازاء مجازر غزة على مدى ايام العدوان الاخير على غزة لم تتعد الشجب والادانة وحتى الفنانين الذين تقلدوا مناصب رفيعة على شاكلة سفراء نوايا حسنة لم نسمع لهم أي صوت على الاطلاق حتى عندما دمرت مدارس الأونروا في غزة ، بينما عبر الكثير من الأجانب عن رأيهم دون خوف أو تردد .
ويطالب المخرج السينمائي حمزة عبيدات المثقف العربي بتوثيق كل المجازر التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني وتبيان اسماء واعداد الضحايا والقيام بعمليات مسح للمنازل والمرافق والمعالم التاريخية التي دمرتها قوات الاحتلال وما تم استهدافه من مراكز مدنية او مراكز منظمات.
ويشير الى اهمية شحن الذاكرة باسماء الاحياء والقرى والمدن الفلسطينية لتبقى مغروسة في ذاكرة الاجيال وتوظيفها في نصوص واعمال درامية سمعية بصرية لادانة وفضح المشروع الصهيوني وما يخطط له ضد فلسطين وذلك للتأثير على الرأي العام العالمي وكسب تأييد المثقفين والاعلاميين والفنانين لوجهة النظر العربية.
ووفق الباحث والشاعر الفلسطيني توفيق العيسى فان دور المثقف لا ينحصر او يتحدد وقت ازمة ما , بل ان الدور الحقيقي له يكون قبل واثناء وبعد الازمة او الحدث ، لذلك فان دور المثقف العام هو اعادة صياغة وعي الجمهور، والتعبير عنه بعد استيعاب روحه وتفاصيله اليومية، وهذا ايضا لا يحدث اثناء الحدث.
ويضيف نحن بحاجة الى الفعالية الانسانية وليست الجمالية , فالتركيز هنا يتم على حراك مؤثر تستخدم فيه الادوات الثقافية، والخطوة الاولى هي تشكيل مجموعات ضغط من مفكرين ومثقفين وغيرهم برؤية ثقافية.
ويبين ان العدوان الحالي على غزة قابله زيادة في امسيات الشعر والخطابة بيد ان المطلوب تشكيل مجموعات تعبر عن الحراك الثقافي وهذا ما يعطيها مصداقيتها لمخاطبة المؤسسات الدولية والمؤسسات الثقافية في العالم بهدف التعريف بالمطالب الفلسطينية وهذا لا يتم الا عبر القيام بمبادرات انسانية واغاثية .
ويقول الشاعر والباحث سميح محسن ان العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة فتح نوافذ الاسئلة الحارقة على اتّساع فضاءاتها، مبينا انه في الأيام الأولى من العدوان كان صوت المثقفين المنحازين لخيار المقاومة خافتا، ويبدو أن النتاج الثقيل الذي بدأ يظهر عن الجرائم الوحشية للاحتلال، ومع مرور الأيام بدأت أقلام عدد من الكتاب تنشط في محاولة من أصحابها لإسناد المقاومة، وتعزيز صمود الناس، إلا أن التعبير عن حالة الاحباط كان حاضرا أيضا.
ويؤكد : كمثقفين، ندعي دائما أننا الأقدر على صناعة الأمل، وعلى فتح نوافذ التفاؤل كشكل من أشكال الصمود لشعوبنا، لذا فإنّ المطلوب منا أن نخرج من حالة الاحباط التي وجدنا أنفسنا في دهاليزها، وأن نعلن تمردنا على الواقع، ليس من خلال فعل الكتابة فقط، إنما من خلال إعادة الاعتبار لدور المثقف في قيادة الأمة، وسعيه لرسم ملامح الخروج من الأزمات.
ويؤكد الشاعر محسن ان الانحياز إلى غزة اليوم هو انحياز للقضية الفلسطينية ، فغزة جزء عزيز من كل الأرض الفلسطينية، وهي من يدفع منذ سنوات ضريبة بقاء القضية الفلسطينية على قيد الحياة , وعلى المثقف العربي ان لا يتوهم أن أطماع إسرائيل انتهت عند حدود فلسطين التاريخية . وتقول الشاعرة ايمان مصاروة " لا شك أن المثقف الإنسان هو الذي يتأثر بما يدور حوله من مشاهد في الحياة اليومية العامة والخاصة والتي يبعث فيها روحه لتقطف ثمار ما علق في ذهنه من صور ومشاهد , وغالبا نعلم أن الوجع يسبقنا إلى الرسم علما بأننا نسجل أيضا ما طاب منها وما أسعدنا ، وهذا يفتح آفاقا أكبر من الإبداع المتعارف عليه لتصل الى التحفيز في المشاركة الحقيقية للشاعر أو الأديب على اختلاف نوع ابداعه ..
وتتابع " من شأن ذلك أن يترك بصمة ليست عابرة للشاعر الإنسان ولا بد أن تضيف للواقع الأدبي وحتى التاريخي ما يخدم قضايانا القومية وأنا أؤمن بأن الكلمة لا تقل أهمية عن أي نوع نضالي لقهر المحتل وحرصا على الوطن كلنا نناضل وكل يناضل بإمكانياته" .
وتعتبر مصاروة ان المواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي تقدم الكثير الكثير مما بث ويثبت حجم الجريمة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأطفال والنساء وكبار السن والمدنيين مخترقا القوانين الدولية وهذه الأفلام والصور التي التقطت ببث مباشر او لحظي أدت إلى معرفة حجم هذه الجريمة ما يستدعي العالمين العربي والإسلامي ضرورة التحرك السريع لأجل وقفها والشجب والاستنكار والدعوة لمحكمة دولية تدين هذه الاعتداءات خاصة أنها انتشرت عالميا ولا مجال لأن تكذب من قبل الاحتلال وكما كان يفعل سابقا.
ويقول الروائي هاشم غرايبة : بلا هوادة تهاجمنا دماء أهلنا في غزة , نتجمع حول أجهزة البث مجللين بالحزن الشفيف , نفطن إلى مهجنا الظمأى للحرية والتحرر والوحدة , ليس بمقاييس الشعارات الكبيرة، بل بمقاييسك أنت يا غزة هاشم: حرية الروح، وتحرير الطاقات الكامنة فينا ، ووحدة وجودنا المتعين في ظرفي الزمان والمكان.
ويضيف غرايبة :ها نحن نسكب مهجنا الملتاعة كلمات على صفحات التواصل الاجتماعي , يا لقلة الحيلة! هذا الحزن الجارح أهبه لأولئك الحزانى بصمت ولا يبوحون، أهبه لدموع أم ملتاعة أمام شاشة التلفاز، ولكل الأمهات في غزة الملتاعات على مصير أبنائهن.
ويقول انه لم يعد جرح غزة حصارا شاملا، وجوعاً، ودمارا، بل صار جرحا للجميع, وما أقل حيلتنا ونحن نتضامن بالكلمات والهتاف مع جرحك النازف عزة وكرامة ,أول مرة علم فيها أن أهلنا يذبحون, صدرت صرخة رعب. ثم ذبح مئة.. لكن ، حين ذبح ألف ولم تتوقف المجزرة.. انبسطت ملاءة من الصمت, حين يأتي الشر كالمطر المنهمر، لا يصيح أحد قائلا : قفوا.. حين تتراكم الجرائم تصير غير مرئية, وحين تصبح العذابات غير محتملة، لا تعود الصرخات تسمع ! .
ويتساءل غرايبة هل حقا فقدنا القدرة على الإحساس بالألم في واقع مجرد من دفء حلم ، أو كرامة مشروع ، أو مساحة للتفكير بالحرية والتحرير! لا حاجة لوصف الجرح كي نشعر بالألم, منذ نعومة أظفارنا ونحن نشجب، وندين ونستنكر ونتضامن ونتظاهر ونتبرع والجرح يتسع إنها حقا درب مريعة تلك التي تحشرنا إليها آلة الحرب الصهيونية, لكن حتما النصر لغزة والامة .
وترى الشاعرة والكاتبة الفلسطينية احلام رحال أن للمثقف دورا كبيرا في إحداث التغيير , بدءا من رفع الوعي لدى الناس عبر نشر الحقائق والمستندات ومرورا بتقديم آليات العمل للتغيير وانتهاء بتنفيذ خطوات التغيير المرجو .
( بترا )