هل نشهد تكرارا لظاهرة البورصات الوهمية بقالب جديد ؟

المدينة نيوز- حذر خبراء اقتصاد ومحللون ماليون من تكرار ظاهرة البورصات الوهمية بقالب جديد يتمثل في تقديم تسهيلات وقروض ائتمانية.
ولفت الخبراء في أحاديث لـ الرأي الى أن بعض الشركات والمكاتب التي تقدم تسهيلات ائتمانية للمواطنين تتبنى سياسات تجارية خارجة عن نطاق القوانين المعمول بها في وزارة الصناعة والتجارة، بحيث تقوم بتقديم القروض والتسهيلات الائتمانية موهمة المواطنين بقدرتها رغم عدم حصولها على ترخيص رسمي بذلك .
وقالوا أن هذه الشركات قد تضطر وفي حال استنفذت رؤوس أموالها من استحداث أدوات مالية جديدة تقوم على أساسها بجمع الأموال من العملاء مقابل عوائد مجزية وهو ما يشكل تكرارا للبورصات الوهمية ولكن بقالب جديد من حيث النوافذ الاستثمارية التي قد تتوجه إليها هذه الأموال.
وبرزت في الآونة الأخيرة ظاهرة نشر إعلانات من قبل شركات ومكاتب تعنى بتقديم الخدمات والتسهيلات والقروض والتمويل دون أي يكون لها أي سجل رسمي في وزارة الصناعة والتجارة.
وطالب الخبراء بوضع حل جذري وتدخل سريع من الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة ومتابعة الشركات المخالفة، محذرين من تكرار ذات الخطأ الذي وقع فيه الآلاف المواطنين وكبدهم خسائر مالية ضخمة.
وزارة الصناعة والتجارة التي تنبهت لهذه الشركات مبكرا، قالت على لسان وزيرها المهندس عامر الحديدي أن قامت بالفعل بإغلاق شركتين مارستا هذا النوع من النشاط المخالف لقوانين الوزارة.
وأكد المهندس الحديدي في تصريح لـ الرأي أن الوزارة تتعامل بصرامة مع كل من انه يتم التعامل بصرامة مع من تسول له نفسه ان يحول شركة تجارية تحمل اسما ما لأغراض خارجة عن القانون وخاصة الشركات التي تدعي تقديم خدمات مالية كالتسهيلات والقروض، داعيا المواطنين الى التأكد من قانونية تسجيلها .
ولفت الوزير الى أن الوزارة ضبطت شركتين تعاملتا مع المواطنين بطرق غير قانونية حيث تم إغلاق هذه الشركات وتسليم أصحابها الى القضاء.
ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي، هذا النوع من الشركات بشركات البورصات الجديدة ولكن بصفة مختلفة، متسائلا عن مدى التزام هذه الشركات بقواعد البنك المركزي ومراقبة الشركات.
وشدد على أهمية تيقظ المواطنين حين التعامل مع شركات التسهيلات، من خلال التقصي عن صفتها القانونية ومعاملاتها المالية مع العملاء، مشيرا الى أن بعض الشركات تقوم بإنشاء طريق جديد ومشابهه لما حدث سابقا في شركات البورصة الوهمية. ولفت الخليلي الى أن هذه الظاهرة بدأت بالانتشار في ظل عدم السماح بترخيص بنوك جديدة في المملكة من قبل البنك المركزي، مما دفع البعض الى إنشاء شركات تجارية تتعامل مع المواطنين بصفة بنكية، و بأسعار فائدة مرتفعة.
وأعرب الخبير الاقتصادي عن تخوفه من عدم كفاءة الملاءة المالية لهذه الشركات والتي قد تحولها في المستقبل من مقرض الى مقترض، من خلال طرح منتج ما أو خدمة ما لاستقطاب أموال لتساعدها على إكمال مسيرتها، وبالتالي تصبح غايتها غير سليمة وسوف تنتهي بأقرب وقت، والخاسر الأول هو المواطن على حد تعبير الخليلي .
من جانبه، قال مراقب عام الشركات السابق الدكتور محمود العبابنة أن بعض الشركات التي تقدم قروض وتسهيلات ائتمانية تقوم بممارسات غير قانونية في تجارتها، إذ تقوم بترخيص الشركة باسم معين وتمارس عملها بطريقة مخالفة للغايات التي حصلت عليها من خلال المكاتب التابعة لها.
وشدد الدكتور العبابنة على أهمية متابعة هذه الشركات المخالفة وإحالتها الى القضاء مباشرة كما حصل في شركات البورصة الوهمية سابقا وبعض شركات التسهيلات.
وبين الخبير المالي والاقتصادي وجدي المخامرة، أن تأسيس شركات تجاريه لمنح تسهيلات مالية لعملائها لتمويل احتياجاتهم التمويلية مقابل فوائد مرتفعه لا بد أن يخضع لرقابة الجهات ذات العلاقة كوزارة الصناعة والتجارة والبنك المركزي لضبط أعمالها وضمان ممارساتها لأعمالها ضمن الأسس الضوابط المتعارف عليها في منح التسهيلات والمتعلقة بالضمانات المقدمة ودراسة الجدوى للمشروع أو الملاءة الائتمانية للعميل وكفاية رأسمال الشركات.
ونوه مخامرة الى أن هذه الشركات وعندما تستنفذ رؤوس الأموال المخصصة لها لمنح التسهيلات لعملائها، وفي ظل توجهها لتحقيق عوائد اضافيه، قد تضطر لاستحداث أدوات مالية أو منتجات مالية جديدة تقوم على أساسها بجمع الأموال من العملاء مقابل عوائد مجزيه وهو ما يشكل تكرارا للبورصات الوهمية ولكن بقالب جديد من حيث النوافذ الاستثمارية التي قد تتوجه اليها هذه الأموال، مشددا على أهمية وجود رقابه فعليه من الجهات ذات العلاقة على هذه الشركات ووضع ضوابط لعملها وعلاقاتها مع عملائها في ظل المخاطرة العالية التي تتعرض لها هذه الشركات إذا ما منحت تسهيلات دون ضوابط أو دون دراسة الملاءة الائتمانية للعميل الأمر الذي قد يعرضها لمشاكل قانونيه من شأنها التأثير على النشاط الاقتصادي العام.
من جانبه، أشار الأكاديمي والمستشار المالي الدكتور معتز أمين السعيد الى ظهور الكثير من شركات التسهيلات التجارية من خلال الصحف والإعلانات والتي تقدم بدورها التسهيلات الائتمانية للجمهور، مشددا على ضرورة ان تخضع هذه الشركات للرقابة والتعليمات المتبعة والنافذة في البنك المركزي الأردني؛ كونها تقوم بنشاط تمويلي للجمهور، مشابه لنشاط العمل البنكي الائتماني.
وأوضح أن هذه الشركات قد تمتلك شركات التسهيلات التجارية في بادئ الأمر السيولة الكافية لتقديم التسهيلات الائتمانية عوضا عن البنوك، ولكن إن لم تلتزم هذه الشركات بتعليمات هامش الملاءة المالية ومقرات بازل 1 وبازل 2 وتعليمات الجهات الحكومية الرقابية والتشريعية؛ فقد يؤدي ذلك إلى نتائج غير متوقعة وعواقب على كافة المتعاملين مع هذه الشركات. ولفت الدكتور السعيد الى أن التسهيلات الائتمانية تتطلب الكثير من الاهتمام والالتزام بتعليمات الملاءة المالية ومقررات بازل 1 و بازل 2 ومعايير الإبلاغ المالي الدولية ، مشيرا الى أن البنوك تخضع وبشكل مباشر لرقابة البنك المركزي الأردني ومراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية نظرا لحساسية وأهمية دورها في الاقتصاد الوطني. وقال :إن لم تلتزم شركات التسهيلات التجارية بهذه التعليمات فقد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بكافة الجهات المرتبطة بهذه الشركات من جمهور ومالكين وجهات ممولة لهذه الشركات. وتابع قائلا: إذا ما توسعت هذه الشركات بالتمويل غير المدروس، وإغفال جانب الاحتياطي النقدي الواجب توفره دوما، فقد يؤول بها الأمر إلى ما آلت عليه بنوك أمريكا التي انهارت منذ بداية الأزمة المالية العالمية، فقد تتحول أصول هذه الشركات إلى أصول جامدة غير سائلة مرهونة لها، وفي حال عدم التزام المقترضين بالسداد، وهذا قد ينعكس بطبيعة الحال على البنوك المقرضة لهذه الشركات؛ وقد يدفع هذا الواقع هذه الشركات إلى محاولة طرح منتجات أو خدمات من اجل جذب الأموال من جهات غير البنوك بدعوى الاستثمار.
وبين الدكتور السعيد أن هذه الظروف وفي حال تحققت تعد مشابهة لتلك التي كانت وقت حدوث أزمة البورصات ، لذا قد يكون من الضروري بان يتم إخضاع كافة أعمال هذه الشركات لرقابة البنك المركزي ومراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة من النواحي الفنية والصفة القانونية. وشدد على ضرورة أن تكون الصفة القانونية لهذا الشركات شركة مساهمة عامة وبحد أدنى من لرأس المال يكون مناسب لطبيعة النشاط؛ وإن كانت هذه الشركات تابعة أو مسيطر عليها من قبل البنوك سيوفر بيئة تجارية ومالية أفضل، مشيرا الى أن البنك المركزي الأردني وضع في كانون أول 2009 مجموعة من التعليمات الجديدة التي تضبط منح التسهيلات الائتمانية للعملاء وخاصة الذين في ذمتهم ديون معدومة ويمتد العمل بها لنهاية العام المقبل2010، موضحا أن هذه التعليمات وضعت لضبط جودة التسهيلات الائتمانية. وصنفت التعليمات الجديدة التسهيلات الائتمانية إلى تسهيلات ائتمانية متدنية المخاطر، تسهيلات ائتمانية مقبولة المخاطر تسهيلات ائتمانية تحت المراقبة تتطلب عناية خاصة والتسهيلات الائتمانية غير العاملة. وأشار الى أن البنك المركزي قد حظر في تعليماته الجديدة منح تسهيلات ائتمانية لأي عميل سبق وأن أعدمت تسهيلاته الائتمانية بشكل جزئي أو كلي ما لم يقم بتسديد المبالغ المعدومة وعلى البنوك التصريح عن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء. موضحا أن هؤلاء قد يلجأون إلى شركات التسهيلات من أجل تغطية ديونهم المتعثرة مما يزيد من مخاطر شركات التسهيلات التجارية.
وحسب التعليمات الجديدة فإن لجنة خاصة بالتدقيق أو من في حكمها للبنوك غير الأردنية تتحقق من كفاية احتياطي المخاطر المصرفية العامة ومخصص التدني للتسهيلات الائتمانية ومدى مطابقتها لهذه التعليمات. ووفقا للدكتور السعيد يأتي إصدار هذه التعليمات في سياق إعادة النظر في شروط إجراء جدولة الديون غير العاملة لدى البنوك العاملة في المملكة لتمكينها من تلبية احتياجات عملائها التمويلية وتجاوز آثار الأزمة، إضافة إلى السماح للبنوك وبما لا يتعارض مع سياساتها الائتمانية بمنح تسهيلات جديدة ضمن سقوف محددة للعملاء المصنفة تسهيلاتهم ديون تحت المراقبة لتوفير السيولة اللازمة لهم لمتابعة أعمالهم. كما تأتي هذه الإجراءات في سياق نهج البنك المركزي في متابعة التطورات الدولية والمحلية وإجراء أي تعديلات تستوجبها الظروف خدمة للاقتصاد الوطني.
يشار الى أن عدد شركات التسهيلات الائتمانية والمسجلة في وزارة الصناعة والتجارة قد بلغ 8 شركات بلغت رؤوس أموالها نحو 8,23 مليون دينار.