أربع قراءات لخماسين غزة!

تم نشره الأحد 31st آب / أغسطس 2014 01:08 صباحاً
أربع قراءات لخماسين غزة!
خيري منصور

رغم اختلاف هذه القراءات الأربع إلا أن المشترك بينها هو الارتهان للنوايا والمرجعيات، والقراءة الأولى شعبية وبها قدر كبير من العفوية والبراءة كما أنها انفعالية أيضاً حيث يتولى القلب التفكير وهي رغم عمقها إلا أنها قراءة صامتة تتخللها القشعريرة والدموع، فما من أب لم يتخيل أطفاله وهو يشاهد أشلاء أطفال في مثل أعمارهم وما من جدّ لم ير أحفاده وحفيداته بين هؤلاء، لإدراكهم بأن صدفة المكان فقط هي ما جعل القصف يخطئ بيوتهم وأبناءهم. لهذا كله لا تندرج هذه القراءة الإنسانية في خانة السياسة والايديولوجيات.
والقراءة الثانية ترتهن لموقف سبقها ويمارس نفوذه بالوعي أو اللاوعي عليها وهي ما يسمى في علم النفس الرغائبية أي رؤية الفرد لما يريد أن يراه فقط، لهذا فهي قراءة سياسية يتقاسمها العقل والقلب معاً وتراوح بين الانحياز للضحية وقدر من العتاب وهذه القراءة تتجسد لدى من رأوا في المبادرة المصرية فور صدورها إيقافاً للنزيف وأن كل ما أعقب تلك المبادرة منذ اليوم الأول كان يمكن تفاديه وتداركه.. لكن رغم أن هذه القراءة تندرج في خانة السياسة إلا أنها تبقى أفقية رغم أن المشهد كله ليس كذلك بل هو بانوراما على درجة كبيرة من التعقيد.
والقراءة الثالثة، برغماتية يخلو من أي بعد تراجيدي، حيث تتم المقارنة بواسطة الحاسوب البارد بين عدد القتلى لدى كل طرف، وما يسقط عن عمد وليسوا سهواً من هذه القراءة، هو غياب التكافؤ في القو والأحلاف بحيث انتهت إحدى القراءات التي تنتمي إلى هذا النمط نهاية تضحك حتى البكاء أو تبكي حتى الضحك، حين قال صاحبها إن الخسارة البشرية كانت ثلاثين فلسطينياً على الأقل مقابل إسرائيلي واحد، والخلل الجذري في هذه القراءة الحاسوبية هو التعامل مع الأرقام كما لو أنها صماء فالإسرائيلي الذي يقابل ثلاثين فلسطينياً هو جندي بكامل سلاحه أما الثلاثون فلسطينياً فهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى في المستشفيات وسائقو عربات اسعاف!
والقراءة الرابعة، تتخطى مشاهد الدم والتدمير وانتهاك المساجد والمدارس والمستشفيات، لأنها تبحث وراء المشهد الدرامي الذي يبث باللحم الحي عما يبرهن على صحة موقفها، وبالتالي يبرؤها، لأن من يمارسون هذه القراءة يقولون بأنهم قدموا النصائح وحذروا من المجزرة لكن أحداً لم يسمعهم، وبالتالي فإن هذه القراءة ليست متعسفة فقط بل هي جائرة وسادية وأنانية تخلو من أي إيثار بحيث تصور الفرار على أنه حكمة والعقلانية الباردة على أنها مواعظ وحقيقة الأمر أنها قراءة متواطئة مع العدوان.. ويظل باب غزة بعد رفع الحصار مفتوحاً على مصراعيه لقراءة خامسة يقدمها الشهداء!

(الدستور 2014-08-31)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات