مشاريع كبرى بين التنفيذ والتأجيل

واجهت مشاريع حكومية كبرى نكسة في تنفيذها خلال سنة ,2009 وهو امر ولد انطباعات سلبية عن الاقتصاد الذي تعرض هو الاخر لتراجع كبير في معدلات النمو بسبب حالة التباطؤ التي بدأت تلوح بالافق.

طبعا التأخير في انجاز المشاريع الكبرى التي تعول عليها الحكومة الكثير في خلق فرص عمل ورفد الاقتصاد بقيمة مضافة عالية كان لعدة اسباب, منها ما هو متعلق بالحكومة وآخر مرتبط بعوامل خارجية.

بعض المشاريع تأخر تنفيذها بسبب سوء التقديرات الحكومية حول ايراداتها مثل ما حدث مع عطاء الجيل الثالث الذي الغي مرتين قبل ان يحال على شركة من اصل شركتين تقدمتا له, وبقيمة لن تتجاوز ال¯ 50 مليون دينار علما ان الحكومة قدرت ايرادات العطاء في موازنة 2009 بحوالي 150 مليون دينار, لكن المشروع الان قيد التنفيذ.

اما في مبادرة سكن كريم فقد تكون هذه احد اهم الدلائل على التخبط الحكومي في التخطيط للمبادرات التنموية, ولعل ذلك يعود الى تدخل جهات من خارج الحكومة في اعداد تلك المبادرة بطريقة متسرعة من دون الاخذ بعين الاعتبار اية تجارب سابقة من هذا النوع او حتى في كيفية تنفيذها بطريقة مؤسسية, فالمبادرة التي طرحت بناء 100 الف شقة خلال خمس سنوات كان التخبط الحكومي والتدخلات هنا وهناك والعشوائية وبعض السلوكيات المقلقة التي انطوت مظاهرها على شبهات فساد من اهم سماتها والتي ادت في النهاية الى وأد تلك المبادرة التي لم ينجز منها سوى القليل مقارنة مع اهدافها السامية.

مشروع مصفاة البترول هو الآخر احد المشاريع الذي يشير الى مدى التداخلات بين الجهات الرسمية حول تنفيذه الذي تأجل ثلاث مرات, ويوضح مدى التباين في وجهات النظر حول سبل انجازه وقد كان واضحا للعيان ان التخبط وصل لدرجة مخالفة الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي تلغي الحصرية, وادى التأخر في تنفيذ المشروع الى ارتفاع تكلفته من 600 مليون دولار الى اكثر من ملياري دولار.

لا شك ان مشروع تنفيذ جر مياه الديسي احد المشاريع الذي بدأت الخطوات التنفيذية له بالشراكة مع المقاول التركي وقد جرى توفير التمويل اللازم له في وقت قياسي بعد ان رفض البنك الدولي منح التمويل لاسباب سياسية, الا انه لا بد من التنويه من ان علاقة الاردن مع بعض دول الجوار قد يكون شابها نوع من الفتور على اعتبار ان حوض الديسي مشترك ويحتاج لموافقة جميع الاطراف لتنفيذ اية مشاريع مشتركة.

اما مشروعا خصخصة البريد ونقل ميناء العقبة فان تعطل تنفيذهما يعود الى اسباب خارجية مرتبطة بتداعيات الازمة المالية العالمية والتي اثرت سلبا على المناخ الاستثماري في المنطقة, حيث تعاني معظم الشركات الاستثمارية من شح في السيولة وعدم توفر التمويل اللازم للمشاريع ناهيك عن خسائرها في اسواق رأس المال مما ادى الى عدم قدرة المستثمرين على توفير الغلق المالي لاي عطاء او تقديم عروض مالية ضعيفة غير مقبولة كما حدث في الميناء.

وجود وزارة معنية بمتابعة المشاريع الكبرى وحصر متابعتها حكوميا فيها بالتنسيق مع الوزارات المعنية ووجود ارادة رسمية في انجازها يساعد على اطلاق تلك المشاريع وفق منظومة مبنية على الشفافية والنزاهية وتكون مرتكزة اليوم على دراسات جدوى علمية وعملية, والكل ينتظر الان كيفية تحقيق ما ما عجزت الحكومات السابقة عنه والاستفادة من اخطاء الماضي خاصة في اختيار الوقت وتعظيم استفادة الخزينة من ذلك.0