بين نظرية فتح وتطبيق حماس

تم نشره السبت 13 أيلول / سبتمبر 2014 12:29 صباحاً
بين نظرية فتح وتطبيق حماس
د.عصام عدوان

وضعت حركة فتح مجموعة من التصورات والمفاهيم، ضمّنتها أدبياتها، بدءاً بـ"بيان حركتنا" في عام 1959م، مروراً بـ"هيكل البناء الثوري"، والنظام الداخلي ودروس: "لماذا أنا فتح" وغيرها. ومن هذه التصورات: رفضها الاعتراف بالأمم المتحدة وقراراتها، لأنها صانعة النكبة الفلسطينية. ورفضها المبادرات والحلول السياسية للقضية والعمل على محاربتها. وتبنيها للكفاح المسلح خياراً استراتيجياً وحيداً لتحرير فلسطين. وفي مجال الكفاح المسلح، تصورت فتح أنها كحركة فهي غير ملزمة بقرارات الأمم المتحدة، ولا تستطيع دول العالم أن توقف هجومها على العدو الصهيوني إذا ما جاست قواتها وفدائييها أرض فلسطين تنظفها من العصابات اليهودية، ففي مثل هذا الالتحام لا يمكن لجيوش العالم أن تتدخل. وهكذا فقد تصورت فتح أن حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد ستنتهي بدخول المقاومة الفلسطينية إلى المدن والبلدات التي احتلها اليهود واستوطنوا فيها، وهكذا تتعطل قدرات العدو الفائقة، كما تتعطل مساعي الدول العظمى في إنقاذه من غضبة الفلسطيني صاحب الأرض.
لم تستطع حركة فتح تنفيذ نظرياتها، وتراجعت عن بعضها، وعكست مسار بعضها الآخر. فقد تخلت بالكامل عن تحرير كل فلسطين، واعترفت بإسرائيل، ونبذت المقاومة المسلحة، وارتضت المفاوضات سبيلاً وحيداً لا حياد عنه كوسيلة لاستعادة جزء من الحقوق. وأصبحت قياداتها تتهكم على أسلوب المقاومة الفلسطينية المعاصرة في قصف مدن العدو والنزول خلف خطوطه كما حصل في الحرب الأخيرة على غزة.
ربما لم تستطع حركة فتح –وبسبب عوامل موضوعية وأخرى ذاتية– من خلق مجتمع حاضن للمقاومة مثلما فعلت حركة حماس. واعتمدت حركة فتح في مسيرتها على عدد من الدول العربية مثل سوريا ومصر والسعودية، مثلما لم تعتمد حركة حماس. وأصغت فتح للنصائح العربية والغربية بضرورة التفاهم مع العدو والذهاب إلى مؤتمر دولي للسلام، وهو ما لم تؤمن به حركة حماس ولم تصغ إليه. وتلهت حركة فتح بمظاهر الدولة والسيادة التي تلبّستها منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها فتح، خصوصاً بعد اعتراف الأمم المتحدة (التي كانت مرفوضة من فتح من قبل) بالمنظمة، وهو ما لم تتلهَ به حركة حماس، حتى وهي تدير حكومة في غزة على مدار سبع سنوات بنت خلالها قوة مقاومة عنيدة فاجأت العالم.
تتحدث حركة حماس اليوم بثقة واتكال على الله عن اقتراب معركة التحرير الشاملة. ووضعت الأنفاق الاستراتيجية التي اخترعتها حماس في غزة أقدام المقاومة على أول طريق التحرير. وقد نشهد في المعركة المقبلة تسلل المقاومة عبر هذه الأنفاق أو غيرها إلى مدن العدو ومستوطناته فيجوسوا خلالها، وقد تعطلت قوى العدو الفائقة، وحلفائه العظام، فتتحقق نظرية حركة فتح على أيدي حماس.
لو بقي في حركة فتح مَن يؤمن أو يحِنّ لمبادئ وأدبيات فتح الأولى، فما عليه إلا أن ينتقل بسلاسة إلى حركة حماس ليجد أحلامه تتحقق، والوطن يتحرر.

(السبيل 2014-09-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات