مورو والمشروع الوطني

تم نشره الخميس 18 أيلول / سبتمبر 2014 03:23 صباحاً
مورو والمشروع الوطني
د. رحيل محمد غرايبة

أثار المفكر الإسلامي والتونسي عبدالفتاح مورو مجموعة من القضايا المهمة والخطيرة على صعيد الخطاب الإسلامي من جهة، وعلى صعيد تنبيه الشباب إلى المسارات العملية المطلوبة على صعيد مستقبل مشاريع النهوض الوطنية، وكان ذلك في الملتقى الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يقام سنوياً في المغرب بمشاركة مجموعة من الوفود الشبابية من أقطار مختلفة.
أشار مورو إلى ضرورة الالتفات إلى أهمية المشروع الوطني، وضرورة الانخراط في بناء الدولة الوطنية وبناء الكيان السياسي الوطني، وفي الوقت نفسه وجّه انتقاداً صريحاً وواضحاً إلى الحركات الإسلامية في المشرق العربي الذين ما زالوا مستغرقين في خطاب العالمية الإسلامية، الذي أدى إلى استبعادهم عن الواقع، وعدم انخراطهم في بناء دولتهم، وبناء كيانهم السياسي بشكل عملي قائم على التوفيق بين التنظير الفكري وتطوير آليات معالجة المشاكل التي تواجه مجتمعاتهم من كل الوجوه وفي كل ميادين الحياة.
خطاب مورو في هذه الجزئية ينبغي أن يكون مفهوماً، وينبغي الوقوف على المقصد العميق الملحوظ من هذا الخطاب، والوجه الذي ينبغي إبرازه في هذا السياق، هو ذلك المتعلق بضرورة انتقال الحركات الإسلامية من مرحلة إقناع الجماهير العربية والإسلامية بمبادىء الإسلام وقيمه النبيلة، إلى مرحلة أخرى عملية تتمثل بانخراط الأجيال الجديدة من أبناء الحركة الإسلامية في إيجاد برامج وخطوات ميدانية قادرة على ترجمة هذه المُثل وهذه المبادىء والقواعد إلى اجتهادات عملية ومعالجات حثيثة لمجموعة التفصيلات المتغيرة في الحياة الاجتماعية المتطورة.
يجب الاقلاع الفوري نحو طرح المشروع الوطني، وانخراط الشباب في تفصيلات الدولة الوطنية بشكل حثيث، وضرورة توزيع جهودهم على خريطة التخصصات الدقيقة، والعمل على توصيل الكفاءات الوطنية إلى مواقع الفعل والتأثير، وضرورة مغادرة الخطابات الفضفاضة التي حققت غاياتها منذ سنوات طويلة، حيث كانت الأمة والأجيال بحاجة إلى بناء الثقة بذاتها وتاريخها الحضاري، وتعزيز الثقة بقدرتها على البناء والإنجاز، والثقة بامتلاك القدرة على التنافس في ميدان الإسهام الحضاري العام على مستوى الأمم.
سوف نصطدم بحقيقة مرعبة عندما تصحو الأجيال على هياكل هلامية فارغة، تخلو من المضمون، وتخلو من الإنجاز وتخلو من امتلاك القدرة على الحلول العملية والميدانية، والخوف كل الخوف أن يكون هؤلاء سبباً في ردة الأجيال القادمة على الشعارات المطروحة جملة وتفصيلاً، وبناء حالة شديدة العدوانية نحو هذه الأطر.
إن التجارب الوطنية في المغرب وتونس، تشكل وصفة جميلة في هذا السياق العملي، وتشكل محطة بارزة في تطوير الخطاب الإسلامي المعاصر، من خلال قدرته على امتلاك المشروع الوطني في هذه الأقطار، ومن خلال القدرة على توجيه طاقات الشباب نحو الإنجاز والانتاج العملي، بعيداً عن مسارب تبديد الطاقة الشبابية في صراع دموي، يعتمد على خطاب فكري فقير مغرق في السطحية والشكلية، ويقود الأمة إلى حفرة انهدام فكري وحضاري طويل الأمد.

(الدستور 2014-09-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات