الخطوط الملكية.. وحديث عابر

تم نشره الأربعاء 01st تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 02:19 صباحاً
الخطوط الملكية.. وحديث عابر
د. صبري الربيحات

في سبعينيات القرن الماضي، كان في بلادنا ثلاث مؤسسات تحد عمان من الشرق والجنوب والشمال: التلفزيون الأردني جنوبا، والملكية الأردنية (عالية) شرقا، والجامعة الأردنية شمالا.
كانت المؤسسات الثلاث تبعث على الأمل، ومضرب المثل في قصص النجاح الأردنية. وكان على رأس كل واحدة من هذه المؤسسات شخصية أنيقة، تحمل رؤى وتطلعات تجاوزت حدود الزمان والمكان.
فقد استطاع علي غندور، اللبناني الجنوبي الذي كانت طلته وشخصيته بهيتين وتشكلان عنوانا لمؤسسة نقلنا الجوي وضيافتنا وسياحتنا الأولى. فللرجل ابتسامة تبعث على الثقة، وخبرة تتصل بالعمل. ويساعده فريق دفع بالمؤسسة إلى أن تكون عنوانا من عناوين الهوية الوطنية.
وفي جنوب عمان، كان التلفزيون الأردني يأخذ مكانه كوسيلة تعليمية ترفيهية ثقافية، ومدرسة إعلامية، في الفضاء العربي؛ يؤمه فنانو الأمة ومبدعوها، ويقوم عليه رجال ونسوة لديهم من المهنية والحب والإخلاص ما جعله يتفوق على الكثير من المؤسسات المماثلة التي زخر بها الإقليم. كان محمد كمال -له الرحمة- ورفاقه من المثقفين والفنيين، يعرفون المشهد العربي ودروب التنمية الثقافية والذائقة العامة التي حرصوا على احترامها وتنميتها؛ فكنا نتابع فقرات التلفزيون الأردني لحظة بلحظة؛ من بدء السلام الملكي إلى رفرفة العلم عند المقطع الأخير من المعزوفة التي ألفناها من التلفزيون وليس من غيره.
الجامعة الأردنية التي أقيمت على أخصب الأراضي وأجملها، في المشتل الزراعي لبلدة الجبيهة، كانت هي الأخرى منارة وملتقى، ومحطتنا إلى العالم؛ حيث يأتي الأساتذة الذين أمضوا عز شبابهم في جامعات الغرب والشرق، يحملون علومهم ونظرياتهم وطرق حياتهم، ليدخلونا إلى عوالم جديدة للبحث والدرس والحوار واحترام التنوع والاختلاف بين النوعين الاجتماعيين اللذين يلتقيان للمرة الأولى في حرمها.
كان الأساتذة (والطلبة) يعتزون بمهنتهم وقدسيتها، ويحرصون على أن يؤدوها بصدق ومحبة، لا يشغلهم عنها ترقب الوظائف العليا، ولا استكمال بناء المخازن والطابق الثاني وتأجيره، والذي يشغل الكثير من أساتذة هذه الأيام. أيامها، كانت متعة التعلم أعلى من كل أنواع المتعة التي عرفناها؛ فنتسابق في القراءات والأبحاث، وإظهار أوجه الأدب واللياقة. ونلمح عبدالسلام المجالي وكامل أبوجابر وسعيد التل والغرايبة عبدالكريم وفوزي، والياغيين هاشم وعبدالرحمن، والمئات من الأساتذة الذين كانوا محط إعجابنا وتقديرنا ومحبتنا.
اليوم لا نلمح أثرا لكل ذلك. فالملكية الأردنية هبطت أسهمها وتقلصت موجوداتها. والتلفزيون يئن تحت ضغط ندرة الموارد وحمولته الزائدة، والمعدات التي عفا عليها الزمن. والجامعة تحولت إلى واجهات عشائرية، يتقاتل فيها الطلبة في أجواء يغذيها غياب العدالة وقلة الاكتراث ومحسوبية التعيينات، وضعف دافعية التعليم والتعلم.
أظن أن علي غندور ومحمد كمال وعبدالسلام المجالي ومن عاصرهم، غير سعداء بما آلت إليه مؤسساتنا الأعرق.

(الغد 2014-10-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات