"زيتون الشوارع" يساعد الفقراء على تأمين حاجتهم من الزيت

المدينة نيوز :- تنتظر الأربعينية أم سامر بداية شهر تشرين الأول (اكتوبر)، من كل عام بلهفة وترقب، لتبدأ حملتها في قطاف ما امكن من ثمار اشجار الزيتون المزروعة بأرصفة شوارع مدينة اربد، في خطوة نحو مساعدتها على تأمين "مونة" زيت الزيتون وبيع ما يزيد على حاجتها.
ففي الصباح الباكر، تستيقظ ام سامر وبرفقة ولديها، وتقصد وعلى عجالة اشجار الزيتون، التي كانت قد عاينتها مسبقا، ووضعت ما يمكن تسميته بـ"خريطة القطاف"، لاسيما ان الاشجار لا تتواجد في شارع واحد اضافة الى ان اسر عديدة لا يفوتها موسم القطاف المجاني.
ام سامر القادمة من مخيم اربد، تتسابق إلى أشجار الزيتون في مناطق مختلفة في المدينة قبل موعد نضوج الثمار خوفا من أن يسبقها غيرها، مشيرة إلى وجود العشرات من النساء اللواتي يقمن بحجز أماكنهن مسبقا من اجل قطف ثمار الزيتون وفقا للغد.
وتشير إلى صعوبة قطف ثمار الزيتون وخصوصا وان غالبية الأشجار معمرة وكبيرة، وتحتاج إلى "سلم" من اجل الصعود والوصول الى اطراف اغصانها، ما يضطرها إلى الاستعانة بالعصي من اجل قطف الثمار، إضافة إلى الاستعانة بولديها للصعود للشجرة من اجل عملية القطف.
وتحضر أم سامر أكياس البوليستر لغايات التعبئة، وما أن تشتد حرارة الشمس حتى تغادر على الفور إلى منزلها وقد جمعت ما أمكن حمله، مشيرة إلى أنها تعمل على قطف الزيتون منذ 7 أعوام ولم تتعرض للمسألة من أي جهة باعتبار أن الأشجار ليست ملكا لأحد.
وتقول مع بداية تشرين الأول (أكتوبر) يدخل الفقراء القادمون من القرى المجاورة للمدينة في سباق مارثوني لقطاف ثمار الزيتون، الأمر الذي يحتم عليها خوض غماره في وقت مبكر بصرف النظر عما إذا كانت الثمار ناضجة او غير ناضجة.
المزارعون في اربد ما يزالون متريثين في الشروع بعملية القطاف، إلا أن ما زرع في شوارع المدينة عرته أيدي الفقراء منذ الأيام الأولى من الشهر الحالي.
ويستأنف أبو محمد مع إشراقة صباح كل يوم جولاته المكوكية على أشجار الزيتون لجمع ما تساقط منها على الأرض، يُلملمها ويحتفظ بها منتظرا موعد قطف الثمار.
ولا يعبأ الخمسيني علي بنوعية حبات الزيتون المتساقطة فهو يعتقد أن في عصرها "زيادة في الخير والبركة" بدون أن يلتفت إلى المذاق المر الذي يطغى على طعم الزيت بعد عصره نتيجة خلط الثمار المتساقطة والأخرى السليمة التي يستعد لقطفها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ويسابق على موعد هطول زخات تشرين اول ليبدأ بقطاف أشجار الزيتون المعمرة في مزرعته في غضون الأسبوعين المقبلين، محاولا تبديد هواجس جفاف الثمار وإصابتها بحشرة السوس.
يقول مدير زراعة اربد المهندس علي أبو نقطة، إن نسبة الحموضة تكون ظاهرة في مذاق الزيتون الذي يرصع في هذه الأيام، داعيا المزارعين إلى البدء بقطف الثمار مع منتصف تشرين الأول (اكتوبر) وحتى منتصف كانون الأول (يناير).
ولفت إلى أن ناتج عصر الثمار من الزيت يرتفع كلما تأخر المزارع في عملية القطاف، مبينا أن دلائل قطاف الزيتون تتصل بضرورة تلون الثمار باللون الأسود، وأن يصبح ملمسها لينا وبمجرد الضغط عليها بأصابع اليد يمكن تلمس الزيت الذي بداخلها.
ودعا المزارعين إلى التريث في قطف الزيتون لحين ظهور علامات النضوج على الثمار، الأمر الذي من شأنه زيادة كمية الزيت المستخرج، وتلافي ارتفاع نسبة الحموضة التي يسببها القطاف الباكر.
وحذر المزارعين من بعض السلوكيات التي تؤدي إلى رداءة الزيت وتتصل بإقدام البعض على عصر "الجوال" وهو ما تساقط من الثمار على الأرض، فضلا عن إقدام البعض على عصر ما تنتجه أشجاره من ثمار ناضجة بعد سلقها بهدف تطريتها للحصول على اكبر كمية من الزيت غافلين تأثيره على جودة الزيت المستخرج.
وأشار إلى أن سقوط ثمار الزيتون في هذه الأيام ناجم عن إصابتها بدودة الثمار وتعفنها وان خلط الجوال مع حبات الزيتون الناضجة والسليمة عند العصر يؤدي إلى التقليل من قيمة الزيت المنتج.
ودعا أبو نقطة المزارعين إلى أهمية قطف الثمار بطريقة "الحلب بالأصابع" بدون استخدام العصا، لما تسببه من تكسير للأغصان يؤدي لإصابتها بأمراض تنقل من خلال الحشرات فيما يتسبب جرح الثمار بتعفنها.
وأكد على أهمية الإسراع بعصر الزيتون بعد قطافه ووضعه في أكياس "خيش" وصناديق مفتوحة توفر لها التهوية والحفاظ على جودتها، لافتا إلى أن استخدام أكياس البوليستر يتسبب بتعفن حبات الزيتون نظرا لما تسببه من ارتفاع في درجات الحرارة.
ولفت إلى أن مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون وصلت إلى عمر الإثمار، مبينا أن مجمل الأراضي المزروعة بالزيتون في محافظة اربد تبلغ 300 ألف دونم تقريبا منها 270 ألف دونم مزروع بأشجار معمرة و30 ألفا بأشجار دون عمر الإنتاج.
ولفت إلى أن 48 % من مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون تقع في لواء بني كنانة، فيما تشكل نسبة المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة اربد ثلث المساحة على مستوى المملكة.