كرامة تركيا اردوغان تفتح جروح العرب

تَعوّد قادة اسرائيل على توجيه الاهانات الى الدول والشعوب العربية, حتى تكونت لديهم مشاعر مرضية من العنصرية والعظمة والغطرسة والاستعلاء. وفي ظل السياسات الامريكية المنحازة لاسرائيل اصبحت مقولة "ما ينطبق على دول العالم لا ينطبق على اسرائيل" حقيقة سياسية, يتعامل بها مجلس الامن مثلما تنتهجها الدول الاوروبية التي اتبعت سياسة النفاق مع اسرائيل.
من هذا الواقع; وقعت حادثة اهانة السفير التركي في اسرائيل من قبل داني ايالون, نائب وزير الخارجية الاسرائيلي. فلقد استدعي السفير الى مقر الخارجية الاسرائيلية, وكان في استقباله مصورو التلفزيون الذين سجلوا خطوات اهانته بالصوت والصورة. في البداية, اعترضه حارس على باب مكتب ايالون. ثم لاحقته الكاميرا, حيث أُجلس على كرسي صغير بجانب النافذة, بينما جلس ايالون, على كرسي كبير مقابله ووضع قدما فوق اخرى بعد ان رفض مصافحته.
السبب المعلن لهذا التصرف, هو للتعبير عن احتجاجهم على المسلسل التركي "وادي الذئاب" الذي يصور مشاهد القتل والتعذيب والاهانات التي يتعرض لها الفلسطينيون في الارض المحتلة على أيدي رجال الجيش والمخابرات الاسرائيلية, "وهذه قصة اخرى". لكن السبب الحقيقي هو غضب قادة اسرائيل المتصاعد من رئيس وزراء تركيا الطيب اردوغان. الذي خرج على (العادة) الدولية والعربية بتلقي اهانات اسرائيل بالابتسامات, او بالسكوت على جرائمها الوحشية. كان ايالون يهدف الى اهانة اردوغان وتركيا بإهانة سفيرها ولم يتوقع ردا وغضبا تركيا.
غير ان التعامل مع اردوغان غير ما تعودت عليه اسرائيل, فلقد قابلت انقرة الاهانة بطلب اعتذار رسمي قبل مساء الاربعاء الماضي, والا ستسحب سفيرها من تل ابيب. في البداية قدمت حكومة نتنياهو اعتذارا مبهما, لكنه رفض من قبل تركيا, وقبل ان تنتهي مهلة الانذار, هرول نتنياهو وايالون لتقديم اعتذارات واضحة الى تركيا اردوغان.
هذه الحادثة ليست الاولى لرئيس الوزراء التركي مع زعماء اسرائيل, فالمشهد الشهير على مسرح مؤتمر دافوس في سويسرا لا يزال عالقا في ذاكرة الجميع عندما قاطع الحوار مع شيمون بيريز وانسحب ساخطا على مواقف اسرائيل.
كرامة تركيا اردوغان, اصبحت قصة تجذب انظار وافئدة الشعوب العربية والاسلامية. ولقد سمعت كثيرا من التعليقات في محطات واذاعات عربية ودولية لمواطنين عرب على رد الفعل التركي على حادثة اهانة السفير من قبل الاسرائيليين. جميع هذه التعليقات تثمن عاليا انتفاضة اردوغان المستمرة للدفاع عن كرامة بلاده وكرامة الفلسطينيين والعرب ضد الغطرسة المهينة لقادة اسرائيل العنصريين, في الوقت الذي يقارن فيه الجميع الحال بين اسرائيل وبين العرب وبما يفتح جروح الامة من كثرة الاهانات التي تلقتها وتتلقاها, من دون اي رد فعل.
اسرائيل تغضب من فيلم يصور بعض جرائمها ضد الفلسطينيين, لكن لا توجد حكومة عربية واحدة تغضب من سلسلة الافلام الامريكية (اليهودية) والافلام الاسرائيلية التي تصور العرب والمسلمين على انهم ارهابيون ومتوحشون وقتلة يلاحقون اليهودي الوديع!! وما هو مفجع ومهين قيام فضائيات عربية ببث المسلسلات الصهيونية الامريكية المشحونة بروح العداء والاحتقار للعرب والمسلمين.
مواقف اردوغان التي يدافع فيها عن كرامة بلاده وشعبه تفتح جروح الشعوب العربية وتعمق احساسها بالخزي والاهانة من مواقف حكوماتها من اسرائيل التي كلما امعنت في غطرستها وعنصريتها, ازدادت صفوف (العقلاء) من دعاة التطبيع الذين يتكالبون على سلام يحمل من الالف الى الياء اهانة واذلالا.