الأردن في موقف محرج

تم نشره الإثنين 20 تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 12:05 صباحاً
الأردن في موقف محرج
فهد الخيطان

لم يتخلف حزب أو جماعة، أو حتى ناد رياضي، عن مهرجان نقد وتقريع الأردن لتقصيره في حماية المسجد الأقصى أمام هجمة المستوطنين الصهاينة على باحاته. العالم والجاهل بشؤون السياسة والمعاهدات، حرصا على تذكير الأردن بوصايته على المقدسات الإسلامية، ولسان حالهما يقول بتشف بالغ: "أرونا شطارتكم في حماية الأقصى".
عديد الأحزاب والشخصيات التي طالبت الأردن بممارسة ولايته الدينية على المقدسات، يعارضون معاهدة السلام مع إسرائيل التي منحت الأردن هذا الدور "المعنوي". لكنهم وجدوا فيها مناسبة لإحراج الحكومة، وإظهار عجزها أمام إسرائيل.
لقد منحتهم الحكومة هذه الفرصة على طبق من ذهب، عندما أسرفت في صرف الوعود والتعهدات بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
على ماذا كان الأردن يراهن كي يغامر بصدقيته في هذا الموضوع؟ لا شيء في الحقيقة، سوى "إيمانه" بأن إسرائيل لن تتمادى إلى الحد الذي يهدد معاهدة السلام مع الجار القوي؛ الأردن.
لكن إسرائيل التي نراهن عليها تغيرت في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت حكومتها أشد تطرفا ويمينية؛ ففي قلب حكومة بنيامين نتنياهو أعتى مجرمي المستوطنات، وكذلك في الكنيست. وهذه الحفنة من المتطرفين هي المرشحة لتسلم المناصب الأولى في إسرائيل بعد انتهاء حقبة نتنياهو.
كما أن حكومة إسرائيل تدرك أن المتغيرات التي تعصف بالمنطقة لم تترك للأردن هامشا للمناورة على الجبهة الغربية. ولذلك، لا تخشى إسرائيل إطلاقا من إقدام الأردن على خطوات تصعيدية تتجاوز الخطوط الحمراء في العلاقة، وأول هذه الخطوط معاهدة وادي عربة.
الأردن يدرك جيدا قواعد اللعبة مع إسرائيل، ولن يتخطاها؛ فماذا بوسعه أن يفعل بعد أن "دق على صدره" بأن يحمي "الأقصى" ويصون المقدسات من التهويد؟
لوح وزير الخارجية ناصر جودة، باتخاذ جملة من التدابير القانونية والإجراءات الأخرى لحماية المسجد الأقصى من اعتداءات المستوطنين. قال هذا الكلام منذ أيام عدة، من دون أن يكشف ماهية التدابير والإجراءات التي ينوي اتخاذها. الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ردد العبارات نفسها التي أطلقها جودة، ولوح من جانبه باللجوء إلى المجتمع الدولي لردع إسرائيل.
جودة ترجم "التلويح" باستدعاء سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى الأردن، وأبلغهم بلغة حازمة احتجاج بلاده على أفعال المستوطنين في القدس، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في هذا الشأن.
هل هذا أقصى ما يمكن أن نفعله؟ بالطبع لا؛ نتوجه إلى مجلس الأمن للشكوى على إسرائيل، ونحاول ثم نحاول، قبل أن تتدخل واشنطن وتُبطل مفعول كل المحاولات.
الدبلوماسية الأردنية تعلم في قرارة نفسها أن مثل هذه "التدابير والإجراءات" لا تجدي مع إسرائيل. لذلك، ومن خبرتنا الطويلة معها، سنلجأ لقنوات الاتصال السرية مع حكومة نتنياهو، آملين أن تتدخل لوقف استفزازات المستوطنين، وتجنبنا مزيدا من الإحراج مع الرأي العام الغاضب.
هذا أقصى ما نستطيع فعله. لكن إلى متى تبقى إسرائيل تأخذ بخاطرنا؟ ليس إلى وقت بعيد؛ فما إن تتهيأ الظروف لاستكمال مخططاتها لتقسيم المسجد الأقصى، وفرض سلطتها الدينية على المقدسات، حتى تضرب عرض الحائط بكل الالتزامات الأدبية. عندها، لن نجد في تل أبيب من يسمع مناشداتنا، وتصبح الوصاية في خبر كان. هل تودون هذه النهاية المحرجة؟

(الغد 2014-10-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات