من ولد الارهاب ومن استثمره ويستثمره ابتداء وانتهاء؟

الارهاب صناعة امريكية بامتياز ، فأمريكا كما يقول المفكر والباحث الامريكي ستيف كويل في مؤلفه الموثق بعدة مجلدات عن افغانستان يوضح ولادة القاعدة وطالبان على يد الامريكان ورعايته لهم في مواجهة الوجود السوفيتي في افغانستان في السبعينيات وامريكا ايضا رعت هذا الارهاب وغذته ، ومما يقوله كويل ان امريكا شجعت التوسع في التعليم الديني في افغانستان والمنطقة ويؤكد ان القرآن الكريم قد تمت ترجمته محرفا لكل اللغات العديدة في افغانستان ، وكذلك جرى التركيز على آيات قرآنية معينة خارج سياقها الفقهي والتاريخي للتحريض على القتل وغير ذلك.
ظاهر الامر هو ان السحر انقلب على الساحر وان القوى الاسلامية المتطرفة التي تم زرعها في افغانستان تمسكت بالفكرة والمبدأ وهي محاربة اي غزو خارجي وقد يكون صحيحا الاستنتاج انه بعد زوال الاحتلال السوفيتي لافغانستان ظهرت تباينات بين مواقف امريكا وقوى التطرف الاسلامي التي كانت تطمح الى لعب دور اكبر انتظرت ان تصرف لها فاتورة مساعدة امريكا بهزيمة السوفييت في افغانستان ، وفي هذا السياق سكتت على حكم طالبان لافغانستان وكذلك تغاضت عن نشاط القاعدة في العالم الاسلامي بل شجعته في البداية.
وبالتأكيد فان امريكا لم تعد بحاجة لقوى التطرف الاسلامي في محاربة السوفييت وكذلك الفكرة الشيوعية حين سعت يومها الى تشجيع استراتيجية جديدة آنذاك تقوم على مواجهة العقيدة الاسلامية الايمانية للعقيدة الشيوعية الالحادية كما كانت تدعي امريكا حينها ، وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي بدأت امريكا تبحث عن دور جديد لقوى التطرف الاسلامي ووجدت انه يمكن توظيف هذه القوى لتكون مفتاح ومبرر زوبعة الغزو العسكري للمنطقة بالتمدد وبمياه الخليج واراضيه وكذلك اختلال افغانستان والعراق بالاضافة الى كافة اشكال الضغط والتآمر الاخرى التي تحقق التطلع الامريكي للهيمنة على المنطقة ضمن مشروعها المعلن لتفكيك بلدان المنطقة واعادة تركيبها وفق الصيغة التي تفضي الى اقامة شرق اوسط جديد وبأدوات عديدة منها تعميم انموذج الفوضى الخلافة التي تجلّت في الصومال والعراق وافغانستان والتي تبرز مظاهرها بشكل او بآخر في بقية المجتمعات العربية.
ما نريد الوصول اليه هو ان امريكا حريصة على اشعال الفتنة في كل مكان ، وحيث يكون هنالك احتلال ، وتدخل امريكي تكون هنالك عمليات عشوائية ظلامية للقاعدة وغيرها ، قارئا بين وضع الارهاب قبل الجريمة الارهابية المبرمجة امريكيا في 11 ايلول 2001 وبين اليوم من حيث لا يخفى ان هذا الارهاب قد زاد مع ملاحظة انه موجه فقط الى العالم الاسلامي ويضرب داخله ، وما وصل الغرب من عمليات صغيرة محدودة خلال سنوات لا يكاد يذكر ، ومع ذلك يظل بعضنا يقول: ان امريكا جادة في محاربة الارهاب ، ولو غضضنا البصر عن كل الاستنتاجات السالفة فان ما لا يجادل به احد هو العدائية ضد المنطقة والتي هي في خدمة الصهيونية وكذلك كافة اشكال الظلم والتسلط والاستكبار هي حاضنة لتوليد الارهاب بامتياز.