مرصد أكيد : الإعلام يخسر معركة "استقلال القضاء"

تم نشره الثلاثاء 04 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 01:25 مساءً
مرصد أكيد : الإعلام يخسر معركة "استقلال القضاء"
مرصد أكيد

المدينة نيوز:- أصدر مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تقريره للشهر الماضي، وحلل فيه التغطية الإعلامية لمشروع قانون استقلال القضاء، حيث ذهب التقرير وفق تحليل مضمون كمي وكيفي لمحتوى التغطية ان الإعلام مرر بهدوء، مشروع قانون بحجم "استقلال القضاء" وأهميته دون ان يفتح المجال امام الرأي العام للمساهمة بشكل جدي في مناقشته، كما اتسمت التغطية في الاغلب بانها احادية الاتجاه ومنزوعة من سياقها .

واشار التقرير الى ان قانون استقلال القضاء أحد أكثر القوانين ارتباطا بمصالح الناس، وصمام الأمان لجوهر وجودهم المادي والمعنوي في وطنهم واحد اركان منظومة التشريعات الاصلاحية المرتبطة بالتعديلات الدستورية ، وخلال الستة أشهر التي قطع فيها القانون مراحله الدستورية، منذ إقراره في مجلس الوزراء، يوم 30 آذار (مارس) الماضي، مرورا بمجلس النواب، ثم إقراره في "الأعيان"، يوم 21 أيلول، فإن وسائل الإعلام لم تنبّه الجمهور بشكل كاف إلى مكانة هذا القانون في حياته، وتأثيره فيها، ولم تتابع تطورات صياغته، بتغطيات نوعية، تكفل تحوّله إلى موضوع للنقاش العام، الأمر الذي كان سيسهم في تشكيل رأي عام فيه، ما يضمن في النهاية جودته، ووصوله إلى أهدافه الإصلاحية .

واوضح التقرير ان وسائل الإعلام قد ساهمت في بناء اجندة إعلامية لم تخدم مكانة القانون واهميته وذلك من خلال حجم التغطية الإعلامية ونوعيتها ، حيث اوضح الرصد ان اجمالي التغطية للصحف اليومية الخمس لرحلة اقرار القانون على مدى ستة اشهر بلغت 75 مادة اخبارية شكلت نحو 32592 كلمة 45% منها مواد جاهزة اي بيانات صحفية مكررة وخلال شهر ايلول الماضي الذي اقر فيه القانون جاء ترتيب اهتمام الصحافة بالقانون من ناحية حجم التغطية في الترتيب رقم 22 من بين 31 قضية محلية رئيسية تناولتها الصحافة المحلية .

ووفق التقرير، فإن الصحف لم تتابع تطورات صياغة مشروع القانون بتغطيات نوعية، تزوّد الجمهور بمعلومات عنه، وتوعّيهم بتأثيره في حياتهم، وتربط بين استقلال القضاء ومصالحهم المباشرة، بما يكفل تحوّله إلى مادة للنقاش العام، يسهم في تشكيل رأي عام، يؤثر في اتجاهات النقاشات داخل البرلمان، ما يسهم في النهاية في ضمان جوده القانون، وتحقيقه لأهدافه الإصلاحية المعلنة.

فقد أثبت تحليل التغطية الإعلامية لمحتوى الصحف اليومية خلال هذه الفترة أنها اتّسمت بالعديد من الاختلالات المهنية، هي: أولا، غُطّي مشروع القانون منزوعا من سياقه، في وقت يشكّل فيه سياق أي حدث، أحد المفاتيح الأساسية لفهمه. فقد جاء مشروع قانون "استقلال القضاء" استحقاقا للتعديلات الدستورية للعام 2011، التي كان من بينها، تعديل المادة 27 من الدستور، التي كانت تنص على أن "السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون باسم الملك"، فأضيفت كلمة "مستقلة" إلى عبارة "السلطة القضائية"، وترتب على هذه الإضافة، صياغة قانون "استقلال قضاء" يحقق استقلالا حقيقيا للمؤسسة القضائية. ومُنحت وقتها مهلة 3 سنوات لتعديل مختلف القوانين، بما يتلاءم مع التعديلات الدستورية.

وقد تقدّمت الحكومة فعلا، بمشروع قانون معدّل لقانون استقلال القضاء، للعام 2001، النافذ حاليا، لكن المشروع ووجه بمعارضة واسعة من قضاة ومختصين رأوا أنه لا يحقق استقلالا فعليا لمؤسسة القضاء، وردّه مجلس الأمة في تموز (يوليو) 2013. وبذلك فإن مشروع "استقلال القضاء" الحالي هو المحاولة الحكومية الثانية، للوصول إلى صيغة قانون توائم التعديلات الدستورية، لكن المشروع الحالي، ووجه هو أيضا بمعارضة في الوسط القضائي والحقوقي، بوصفه، لا يحقق هو أيضا، الهدف من التعديل الدستورية، وهو إنجاز قانون يضمن استقلالا جوهريا للسلطة القضائية، بما يتواءم مع المعايير الدولية.

وقد نزعت التغطيات مشروع القانون من سياقه ، عندما لم تربطه بشكل حقيقي وواضح بالتعديلات الدستورية، ورغم أن الصحف أشارت إلى هذا الارتباط في 19 موضوعا من أصل 75، كان أعلاها 6 في "الدستور"، وأدناها 2 في "السبيل" و"الغد"، فقد كانت هذه الإشارات في معظمها، فقرات "موحّدة" تضمنت في الغالب ترويجا رسميا لمشروع القانون، ولم تقدم معلومات تزيد عن أنه (هناك تعديلات دستورية، وهي تكفل استقلال القضاء).

ولحظ التقرير أن التغطيات نزعت مشروع القانون من سياقه، عندما لم تشر إلى أن هذه هي المحاولة الحكومية الثانية للخروج بقانون يتواءم مع التعديلات الدستورية، فهي لم تشر إلى مشروع القانون الذي سبق لمجلس الأمة أن ردّه العام الماضي، بسبب معارضة الوسط القضائي له.

ثانيا : أن التغطيات لم تنقل بشمولية وتوازن حقيقة أن مشروع القانون الحالي يواجه معارضة قضائية واسعة، ورغم أن ثلاث صحف، ضمنتا تغطيات لها اعتراضات لقضاة، فقد لوحظ أن تلك التغطية كانت في مرحلة مبكرة، هي الفترة التي شهدت بداية مناقشات اللجنة القانونية النيابية، وأغفلتهم في مراحل لاحقة. كما لوحظ أن تغطية اعتراضات القضاة انحصرت في جانب واحد من القانون، هو المادة 38 التي تتيح محاكمة القاضي، في وقت، كان للقضاة مطالب أخرى، منها الاستقلال المالي والإداري للمؤسسة القضائية، وانتخاب قسم من أعضاء المجلس القضائي، وإقرار ضوابط محددة لإنهاء خدمة القاضي.

ثالثا: لم تتضمن التغطيات، في الاغلب، نقلا أمينا متوازنا وواضحا لمناقشات مجلس الأمة، ففي ما يتعلق بمجلس الأعيان، فقد غطّت الصحف خبر إقرار المجلس ولجنته القانونية المشروع بخبرين مختصرين لـ"بترا"، ولم ينقل أي منهما أي نقاش.

أما مجلس النواب، فإنه في أكثر من نصف موضوعات المواد أو البنود التي ناقشها المجلس، جاءت على شكل بلاغات، فلم تنقل التغطيات أي نقاش فيها، بل اكتفت بأن ذكرت أن المجلس "أقر" هذه المادة، أو "رفض" هذا البند، من دون أن تنقل النقاش المفترض أنه سبق هذا الإقرار أو الرفض، بل إنه في مواضع من التغطيات، قيل إن النواب ناقشوا هذا الموضوع أو ذلك، من دون نقل أي نتيجة أو نقاش، هذا، في وقت لا تقل فيه القيمة الإخبارية للنقاش عن القيمة الإخبارية للقرارات النهائية، فهي ما يضيء النصوص القانونية، ويكشف للجمهور مدى تحقيقها لجوهر استقلال القضاء. و وفق التحليل فإن المواد أو البنود التي نقلت مجمل التغطيات أنها أقرت أو نوقشت، من دون ذكر أي معلومة عن نقاشها بلغت 61%.

وفي وقت يبدو فيه أن المجلس قد يكون قد أقرّ مواد من دون نقاش، لأنها لم تكن بالنسبة لأعضائه موضوع خلاف، فإن مقارنة تغطيات الصحف ببعضها، ومتابعة تغطيات مواقع إلكترونية للجلسات ذاتها، يثبت أن العديد من المواد الخلافية، التي أثارت الجدل، نُقلت في التغطيات على شكل بلاغات، ومنها ضوابط إحالة القاضي إلى الاستيداع أو التقاعد أو إنهاء الخدمات، وتعيين خريجي برنامج "قضاة المستقبل" قضاة في عمر 27 عاما، وشطب بند إنشاء أمانة عامة للمجلس القضائي.

في السياق ذاته، فإنه حتى في المواد أو البنود التي نقلت التغطيات النقاش فيها، وكان أبرزها انتخاب قضاة أعضاء في المجلس القضائي، وشروط تعيين رئيس محكمة التمييز، واسم القانون، وسن تقاعد قاضي لدرجة العليا، فإن التغطيات، في المجمل، لم تنقل النقاش بما يكفل للقارئ تكوين صورة واضحة متكاملة لوجهات النظر، إذ لوحظ اعتماد التغطيات أسلوب مداخلات النواب والمسؤولين المبهمة، أو المختصرة اختصارا مخلا، أو المعروضة من دون تفسير يبررها ويدعمها، أو حتى الخاضعة للعرض أحادي الجانب، أو غير المتوازن. كما أن توظيف هذه المداخلات في نصوص التغطيات، غلب عليه التفكك، والتشتت.

رابعا : علاوة على أن التغطيات اتّسمت بالضعف على المستوى الكمّي، فلم تزد عن 75 تغطية خلال ستة أشهر، أعلاها في "الدستور" بـ18 تغطية، وأدناها في "السبيل" بـ10 تغطيات، فإن نسبة كبيرة منها كانت تغطيات جاهزة، أي أخبار لـ"بترا"، أو لمواقع إلكترونية. وباستثناء "العرب اليوم" التي كانت نسبة عدد الأخبار الجاهزة فيها 15% تقريبا، فقد تراوحت النسبة في الصحف الأخرى بين 40%، لـ"السبيل"، و56% لـ"الدستور"، وبينهما كانت "الرأي" و"الغد" بنسبة 53%.

واختلال التغطية المتمثل في استخدام المواد الصحفية الجاهزة لم يكن فقط، في حجم المساحة التي احتلتها هذه الأخبار، لكن في نوعية الأخبار نفسها، فقد غُطيت بأخبار "بترا" جميع اجتماعات اللجنة القانونية النيابية، وهي الاجتماعات التي سبقت بدء مناقشة المشروع في المجلس، ومفترض أنها الفترة التي تشهد مناقشة اللجنة مواد المشروع، ومشاوراتها مع المختصين والمعنيين بالشأن القضائي.

خامسا، باستثناء تقريرين أحدهما لـ"العرب اليوم"، والثاني لـ"الرأي"، فإنه التغطيات لم تُدعم بتقارير تحليلية، تعرض الجوانب المفصلية لهذا القانون، وتقارن بين القانونين، الجديد والقديم، وترصد إن كان مشروع القانون الجديد يمثل إضافة حقيقية إلى جوهر استقلال القضاء في الأردن، ويحقق بالتالي الهدف من التعديلات الدستورية للعام 2011.

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات