الأردن في الموقف الصحيح

تم نشره الإثنين 24 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:56 صباحاً
الأردن في الموقف الصحيح
جميل النمري

لم يختلف حديث جلالة الملك في اليابان عن حديثه في لقاء داخلي مع كتلة نيابية في مجلس النواب، عن تنظيم "داعش" والإرهاب. فهو يتحدث برؤية ثاقبة، وقناعة عميقة وقاطعة. ولم أر زعيما عربيا يقدم مقاربة في الموضوع من دون مداورة، وبكل ​وضوح وشفافية، كما يفعل جلالته.
كرر الملك رؤيته للمواجهة بأنها تدور على المستوى الفكري داخل الإسلام بين الاعتدال والتطرف؛ وأن القضية قضيتنا ونحن أولى بها من أي طرف خارجي. فنحن لا نشارك في الائتلاف الدولي ضد "داعش" استجابة لضغط أو خدمة لمصالح غيرنا، فالحرب حربنا، لأن الظاهرة تتعلق بنا وبمستقبل مجتمعاتنا على أرضنا.
طبعا، ظاهرة التطرف لا تخص الإسلام وحده؛ ففي كل بيئة وظروف معينة تبرز ظاهرة التطرف الديني أو القومي، وواحدة منها (النازية والفاشية) كلفت البشرية حربا كونية، و40 مليون قتيل، ومآسي لا توصف. والتطرف الديني يظهر اليوم باسم الإسلام أكثر من أي دين آخر، بسبب الظروف الاقتصادية الاجتماعية والسياسية للعالم العربي والإسلامي، والفشل في بناء أنظمة سياسية حديثة مقنعة للشعوب. ولا ننسى احتلال فلسطين وزرع إسرائيل، بما فجر صراعا إقليميا وحضاريا يستمر مع استمرار التطرف الصهيوني، وتهديد المقدسات والتنكر لحقوق الفلسطينيين.
وليس غريبا أن يكون للتطرف والغلو الكلمة العليا في أوضاع مأزومة، ونشوء قوة متطرفة قد تجد هامشا للتوسع في شقوق نزاع القوى الإقليمية، وربما يتم استخدامها تكتيكيا من بعض هذه القوى. لكنها في النهاية تستفيد من التناقضات والدعم لحسابها الخاص، وتصبح قوة بذاتها قادرة على التمدد وتدمير ما حولها. وهذا ما حدث مع تنظيم "داعش"؛ فقد ألقى النظامان السوري والعراقي، حرفيا، بالمناطق السُنّية في حضن التنظيم؛ وربما تبنته تكتيكيا تركيا وهي تدير سياستها من موقع القوة الإقليمية السُنّية الكبرى في مواجهة إيران الشيعية، وصراعهما على الشرق العربي المريض.
نظرية المؤامرة التي تفترض أن كل ما يجري في المنطقة، بما في ذلك "داعش"، هو صناعة أميركية، هي نظرية مضللة وعدمية، تؤدي إلى التسليم بدور المتفرج السلبي ما دام كل شيء مسرحية افتعلتها قوى خارجية. وهي موضوعيا تؤدي إلى التسليم للولايات المتحدة بالتفرد في إدارة القرار والفعل، بدل أن نضطلع بمسؤولياتنا في التأثير على الأحداث. وهذا ما يحاول الملك توضيحه باستمرار.
الأردن يجسد النظام الأكثر اعتدالا وعقلانية في قلب الشرق السُنّي. وهو داخل التحالف يمكن أن يؤثر بأفضل طريقة لمصلحة المنطقة وشعوبها. وقد أثبت ذلك على مدار السنوات الماضية؛ فلم يلعب بالتكتيكات الاستخدامية الخطرة مع الجماعات المسلحة في سورية أو العراق، بل أقام علاقة طيبة مع العشائر السُنّية بصفتها المدنية، وليس مع الميليشيات بوظيفة عداء ومناكفة للنظام. وبذلك، منع اقتراب "داعش" من حدوده. وليس هناك طرف عربي مؤهل أكثر من الأردن لإدارة موقف يخدم المصالح الأخيرة للدول والشعوب الشقيقة؛ في السلم والتعايش، وبناء أنظمة عقلانية معتدلة تتغلب على الانقسامات الطائفية والعصبيات الفرعية. وهو يقدم نموذجا وطنيا عيانيا على هذا النجاح.

الغد 2014-11-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات