تغيّر مناخي..؟!

تم نشره الخميس 27 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:04 صباحاً
تغيّر مناخي..؟!
علاء الدين أبو زينة

قبل أيام، استمعتُ من المذياع إلى لقاء بالهاتف أجرته إذاعة محلية مع مسؤول في "الأمانة". فسّر المسؤول معاناتنا لدى هطول الأمطار بأنها نتاجات "تغير في المناخ". قال إن كمية المطر التي تهطل الآن في ساعة، كانت تهطل سابقاً في أسبوع، ولذلك تئنّ البنية التحتية تحت هذا الضغط غير الاعتيادي. قال إن شوارعنا وأنظمة التصريف فيها أفضل مما رآه في كل البلدان التي زارها! وقال أيضاً إن الناس لا يرون المنجزات، وإنما يركزون على النواقص -أو شيئاً من هذا القبيل.
من المعروف أن هناك تغيراً مناخياً -بطيئاً جداً- يحدث في العالم، ولو أن تداعياته وشدتها ما تزال محل جدل. ويتصل التغيّر -حسب العلماء- بانبعاثات غاز الكربون من المصانع والدفيئات التي ترفع درجة حرارة الأرض وتفاقم ثقب الأوزون. وفي منطقتنا بشكل خاص، يتحدث البعض عن تأثيرات الحروب في العقود الأخيرة؛ عن آثار آلاف الأطنان من المتفجرات التي أشعلت فضاءنا في حروب الخليج وغزة ولبنان، والحروب الحالية، وكذلك قنابل اليورانيوم المنضب التي قصفت بها هذه البقاع. فهل تكون هذه الكوارث من عندنا ومخلفات الصناعة في العالم المتقدم، قد غيّرت مناخنا بحيث أصبح الشتاء أطول والمطر أغزر؟
إذا كانت تداعيات "الاحترار الكوني" تتجسد عندنا في شكل أمطار أبكر وأكثر غزارة، فإننا نكون في نعمة من الله وفضل كبير. كنا نستجدي المطر الذي يتأخر كثيراً كل عام، حتى كانون الثاني (يناير) في بعض الأحيان. وعندما يأتي أخيراً، يكون بخيلاً لا يكاد يروي زرعاً أو يسقي ضرعاً. وفي الإحصاءات، يبلغ نصيب الفرد الأردني من المياه 148 متراً مكعباً سنوياً فقط، في حين أن حد "الفقر المائي" هو 1000 متر مكعب للفرد في السنة. وبالإضافة إلى انحسار الخضرة وموت الأشجار ومشاكل الزراعة عندنا، يعاني المواطنون من انقطاعات الصيف، ويكادون يعطشون حرفياً. وفوق ذلك، هناك الأبعاد البيئية والنفسية، بحيث أصبح مجرد ري المساحات الخضراء في المنازل والأحياء ترفاً، والحديث عن أي مسطحات مائية صناعية غير قابل لمجرد التأمل. وأصبحت رؤية الأراضي البور المفتوحة على الجفاف مقبضة للنفس.
إذن، ينبغي أن يكون "التغير المناخي" في الأردن، بالمعنى الموصوف، مدعاة للاحتفال. وثمة التفاتة جميلة في تسمية المنخفض الأخير "بُشرى"، لأن المطر لا ينبغي أن يكون سوى ذلك. لكن التغيُّر المناخي -إذا كان هو ما يحدث هنا فعلاً- له متطلبات. إنه لا يعود "حالة طارئة" يتم التعامل معها على حِدة، وإنما وضعاً مرشحاً للديمومة. ويعني ذلك عملياً إحداث تغيير في البنية المادية والفكر الاجتماعي معاً. إنه يعني تكيُّف البنية التحتية بحيث لا يكون هطول المطر والثلج حالة طوارئ وطنية وعامل توتير. وسيترتب على ذلك اعتياد الناس على الوضع الجديد، بحيث لا يكون فصل الشتاء مدعاة للشكوى أو تعطل الأعمال والخوف من استعمال الطرق.
بعد ذلك، ربما نجرؤ على الحلم برؤية بحيرات صناعية ونوافير في الميادين. لكنني أتصور -من منطلق انطباعات شخصية- أننا نعود أدراجنا فقط إلى عهد سابق قريب عندما يتعلق الأمر بالأمطار. قبل بضعة عقود، كان المطر يهطل هنا في أيلول (سبتمبر). والذي يتذكر عمان في تلك الفترة سيتذكر مروج القمح في جبالها، وحقول القثائيات على أطرافها، وأشجارها الكثيرة قبل أن يغتالها زحف الإسمنت. لم يكن هناك ريّ بالتنقيط ولا غيره، وإنما نبتت تلك الخضرة بماء المطر. ما الذي ذهب بذلك الاخضرار؟ أيكون "تغيّراً مناخياً" غادراً قرر أخيراً أن يقلب وجهته؟ ربما!
المثير للقلق، مع ذلك، هو الطريقة التي تُدار بها "التغيرات المناخية" في هذه المناطق. بالتداعي، نفكر في مجاز "الربيع العربي" الذي وعَد بتغيُّر مشرق في مناخاتنا القاتمة، فجردوه من وعده كما نرى. وإذا كانت العقلية نفسها هي التي تدير التغير الطبيعي الواعد في المنطقة، فيحق للناس أن لا يتوقعوا خيراً مما ينبغي أن يكون كذلك. لكنني سمعتُ ملاحظة متفائلة عن عدم غرق أنفاق عمان بأمطار "بشرى"، نتيجة لبذل بعض الجهد الإضافي فقط. لماذا لا يصبح بذل هذا "الجهد" في كل شيء هو القاعدة؟!

الغد 2014-11-27



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات