تراجع النفط يوفر 500 مليار دولار للدول المستهلكة في 2015

المدينة نيوز - أكد مختصون نفطيون أن الدول المستهلكة للنفط ستوفر في فواتير استيرادها للنفط بقيمة 500 مليار دولار خلال العام المقبل 2015 في حالة استمرار التراجع الحاد والسريع لأسعار النفط الخام، ومن المتوقع أن يجني المستهلكون الأمريكيون أرباحا تصل إلى 90 مليار دولار، كما يستفيد بالقيمة نفسها الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصين وألمانيا وفرنسا.
ونقل المختصون عن تقرير لوزارة الطاقة الأمريكية، أن الطلب على النفط سيظل ضعيفا خلال الشهور الستة الأولى من العام الجديد، وبالتالي ستستمر حالة تراجع الأسعار وستظل إمدادات النفط وفق مستويات تفوق الطلب، ورجح التقرير عدم لجوء أوبك إلى تخفيض الإنتاج في المستقبل القريب.
وطالب المختصون الدول المنتجة بضرورة العمل خلال الفترة القادمة على ترشيد الإنفاق الحكومي على الرغم من القدرات المالية والفوائض التي تتميز بها اقتصاديات دول الخليج، مؤكدين على ضرورة جعل الميزانيات الحكومية أكثر كفاءة وإنتاجية وهو أمر مطروح للبحث منذ سنوات طويلة ولكنه أصبح أكثر إلحاحا في ضوء التراجع الحاد للأسعار حاليا.
وأشار لـ "الاقتصادية"، أحمد الصادي رجل الأعمال، إلى أن منظمات دولية طالبت بعض الدول المنتجة بمراجعة نظم الدعم الحالي المطبق في قطاعات الطاقة خاصة الكهرباء، في ظل وجود بعض المشاريع في الدول المنتجة ذات جدوى اقتصادية محدودة يمكن إعادة النظر فيها.
وأكد الصادي ضرورة ترشيد الإنفاق خاصة بعض المصاريف الحكومية مع ضرورة إعادة تقييم عملية الإنفاق في ضوء الأوضاع الراهنة وتنويع الموارد الاقتصادية وتوفير فرص عمل في القطاع الخاص مع التركيز على تنويع الاقتصاد وزيادة الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي من القطاعات غير النفطية.
ودعا إلى ضرورة عودة الاستقرار إلى ليبيا والعراق لتسهيل التواصل مع بقية الدول وضمان استقرار العملية الإنتاجية، مشيرا إلى أن حكومة ليبيا المعترف بها عينت أمس مسؤولا جديدا ليرأس المؤسسة الوطنية للنفط فيما تتنافس مع حكومة موازية للسيطرة على قطاع النفط الحيوي بالبلاد.
واعتبر الصادي أن مسألة من يمتلك الاحتياطات النفطية في ليبيا والعراق من الأمور الجوهرية بالنسبة إلى المشترين الأجانب ولاسيما من الصين وأوروبا، موضحا أنه في محاولة لإحكام السيطرة على احتياطيات النفط في البلاد، قال الثني رئيس الوزراء إن حكومته ستنشئ نظاما بديلا للدفع لا يتعامل مع البنك المركزي في طرابلس فيما ترددت أنباء عن توقف العمل في ميناء السدرة لتصدير النفط بشرقي ليبيا بسبب اشتباكات في المنطقة المحيطة به وهو ما يزيد القلق الدولي والعربي على استقرار دولة نفطية مهمة مثل ليبيا وعلى إسهاماتها في مجال الإنتاج أو ضبط الإنتاج.
من جانبه، قال لـ "الاقتصادية" كريستيان شونبور مختص الطاقة النمساوي، إن الأوضاع الاقتصادية الحالية في ضوء تراجع أسعار النفط تعد فرصة طيبة وسانحة للدول المستهلكة كي تتمكن من رفع معدلات النمو، مشيرا إلى إحصائية وزارة الطاقة الأمريكية التي تتوقع أن توفر الدول المستهلكة 500 مليار دولار العام المقبل من فواتير استيراد النفط. وأشار إلى حدوث تراجع واسع في أسعار البنزين دون مستوى دولارين للجالون في ثماني ولايات أمريكية مع قرب بداية العام القادم بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط ومشتقاته عالميا.
ونقل شونبور عن موقع "ماركت ووتش"، للأسواق المالية العالمية، عن تلاقي ثلاثة عناصر أساسية وراء تراجع أسعار الوقود في الولايات المتحدة وهي: الانخفاض العام في أسعار النفط، وقرب بعض الولايات من المصافي البترولية الكبيرة وتراجع ضرائب الغاز الحكومية.
ومن جانبه يقول عامر البياتي المحلل العراقي لـ"الاقتصادية"، إن «أوبك» تضع نصب عينيها استقرار السوق ومصالح الدول الأعضاء، مشيرا إلى أننا توقعنا اللجوء إلى تخفيض الإنتاج ولكن قرار أوبك مال إلى أهمية الحفاظ على الحصص السوقية وتضييق الخناق على الوافد الجديد النفط الصخري مقابل تحمل فاتورة مؤقتة من الخسائر ولكنها أفضل على المدى الطويل.
وقال البياتي إن تصريحات عبدالله البدري الأمين العام لمنظمة أوبك في دبي تعكس بعضا من القلق على التراجع الحاد للأسعار، حيث أكد أن سعر النفط نزل عما تمليه العوامل الأساسية في السوق، مشيرا إلى أن التصريحات تعتبر ردا قويا على ما أثير في الفترة الأخيرة من أن قرار عدم تخفيض الإنتاج كان يستهدف منتجين محددين، موضحا أن نفي البدري أن القرار كان يستهدف الولايات المتحدة والنفط الصخري أو موجه ضد إيران وروسيا يعد تأكيدا على أن العوامل الاقتصادية هي التي تحكم أداء «أوبك».
وذكر المحلل العراقي أن المعايير الاقتصادية تفرض أن البقاء للأصلح وللقادر على المنافسة في السعر والجودة، مشيرا إلى أن تفوق النفط التقليدي بدأت ملامحه تتضح وتتبلور خاصة بعد أن علمنا أن الشركات الأمريكية العاملة بمجال إنتاج الزيت الصخري أوقفت إنتاجها بعد التدني الملحوظ في أسعار بيع خام "برنت" بشكل جعل الاستمرار في إنتاج الخام الصخري غير ناجح اقتصاديا.
واستبعد البياتي عودة أسعار خام برنت العالمية إلى مستوى 100 دولار للبرميل خلال السنوات الخمس المقبلة، متوقعا أن تظل الأسعار متأرجحة بين 50 و60 دولارا للبرميل خلال الأشهر الستة المقبلة لتستقر عند ذلك المستوى وفي حالة عودة الأسعار للارتفاع إلى المستويات السابقة حول 100 دولار سيؤدي ذلك إلى أن تعاود الشركات الأمريكية عملها مرة أخرى لاستكشاف وإنتاج الخام الصخري.