الرسومات المسيئة وانتهازية الفاشلين

تم نشره الأحد 18 كانون الثّاني / يناير 2015 01:33 صباحاً
الرسومات المسيئة وانتهازية الفاشلين
عاطف الجولاني

من المستفيد من شحن الأجواء وتوتيرها، وما المصلحة في إثارة مشاعر الغضب والكراهية ودفع الأمور نحو منزلقات خطيرة لا تحمد عقباها، ولماذا لا يتم التعاطي مع قضية الرسوم المسيئة وعمليات باريس بصورة حكيمة بعيدا عن الرعونة والانفعال والاستغلال الرخيص؟
ثمة انتهازيون يتوهمون أنهم قادرون على توظيف الفعل الأحمق الذي أقدمت عليه مجلة شارلي إيبدو في إساءتها للرموز الدينية الإسلامية، ورد الفعل الموتور والمدان الذي تمثل في عمليات باريس التي ما تزال غامضة حتى اللحظة. والمفارقة أن المستغلين للأزمة كلهم مأزومون وفاشلون يواجهون تحديات سياسية، ويتصيدون في الماء العكر.
مجلة شارل إيبدو الهامشية والمغمورة ومحدودة التوزيع، تبحث عن النجاح والشهرة والنجومية وزيادة حجم الانتشار والخروج من أزمتها، عبر الإساءة المتعمدة والاستفزاز المقصود لمشاعر المسلمين.
والرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند وصلت شعبيته الحضيض وتدنت إلى ما دون الـ 15 بالمائة، وهو يسعى لاستغلال قضية الرسوم المسيئة وعمليات باريس للخروج من أزمته ولرفع شعبيته وتحسين موقفه في استطلاعات الرأي، حتى لو ترتّب على عملية التوظيف وشحن المشاعر، انعكاسات خطيرة على علاقات فرنسا المستقبلية مع الشعوب العربية والمسلمة.
وأوباما المتورط في تحالفه وحربه الفاشلة ضد الإرهاب في المنطقة، ربما يجدها فرصة سانحة للتحريض وإشاعة الخوف في صفوف الأمريكيين، لحشد تأييدهم لحربه التي يديرها بكثير من الارتباك ولا يملك حتى اللحظة استراتيجية واضحة لتحقيق أهدافها.
ونتنياهو الفاشل سياسيا والمأزوم انتخابيا، لم يجد حرجا في مخالفة البروتوكول الدبلوماسي وفي زيارة باريس دون دعوة رسمية للمشاركة في المسيرة الاستعراضية، والهدف بالطبع ممارسة التحريض ضد «الإسلام السياسي» هذه المرة، وليس فقط ضد حماس والمقاومة الفلسطينية التي سعى جاهدا منذ عدوانه الأخير على غزة لمساواتها بالتنظيمات المتشددة.
وفي المنطقة كذلك، ثمة جهات وشخصيات مأزومة تسعى هي الأخرى لتوظيف حالة التوتر واستغلال أجواء الخوف، لتحقيق مآرب سياسية.
والسؤال: إذا كان التصعيد والتوتير يخدم المصلحة الشخصية وأجندات بعض القيادات المأزومة، فهل لشعوب المنطقة وللشعوب الغربية مصلحة في تأزيم العلاقات وتغذية مشاعر الكراهية والعداء التي لن يستفيد منها في نهاية المطاف سوى المتطرفين والمتشددين في الجانبين.
لقد شهدت الشهور الماضية تحسنا ملحوظا في موقف العديد من الشعوب الأوروبية وبرلماناتها تجاه القضايا العربية، والمصلحة تدعو إلى عدم الانجرار وراء محاولات التحريض وتهييج المشاعر، وأن تكون ردود الفعل على أزمة الرسوم المسيئة عقلانية وحكيمة، تعبّر عن الموقف دون أن تعطي فرصة لذوي الأجندات السيئة لتحقيق أهدافهم.
والشعوب والعقلاء في الغرب، مطالبون برفع أصواتهم عاليا في رفض التجاوز على مقدسات الشعوب، وبالأخذ على يد المحرضين والمسيئين، فالحرية لها حدود تنتهي حين تبدأ بالتجاوز على حريات الآخرين وتسيء إليهم.

(السبيل 2015-01-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات