أوباما يصر على الفشل

تم نشره الخميس 22nd كانون الثّاني / يناير 2015 02:14 صباحاً
أوباما يصر على الفشل
ماجد توبة

يصر الرئيس الأميركي باراك أوباما وبلاده بشأن الحرب على الإرهاب، والذي يقصرانه طبعا على إرهاب "داعش" وتنظيمات إسلامية إرهابية أخرى تمس بتهديدها مباشرة المصالح الأميركية، على أن الحل العسكري والأمني هو الحل الوحيد في مواجهة هذا الإرهاب والتطرف، من دون الالتفات إلى الأبعاد السياسية الجوهرية، ومعالجة البيئات الحاضنة التي تفرخ التطرف والإرهاب.
الرئيس أوباما، وفي خطابه عن حالة الاتحاد أمس، وعد بالنصر في مواجهة تنظيم "داعش" في العراق وسورية، مؤكدا أن المعركة "ستكون طويلة وصعبة"، وداعيا الكونغرس إلى السماح باستخدام القوة ضد التنظيم، والذي قال إن القوات الأميركية توقف تقدمه (أي "داعش") في هذين البلدين، وأنه "مجهود سيستغرق وقتا وسيتطلب التركيز لكننا سننجح".
فهل يمكن للولايات المتحدة، وللتحالف الدولي الذي تقوده بالحرب العسكرية على "داعش" في العراق وسورية، تحقيق النجاح الذي يتحدث عنه أوباما؟! اللافت هنا أن أوباما لم يتطرق نهائيا إلى العملية السياسية في العراق، والتي أفرزت وأنتجت، في تداعياتها الرئيسة، تنظيم "داعش"، وشكلت ببعدها الطائفي والإقصائي للمكون السُنّي العراقي، الحاضنة الاجتماعية والسياسية والبشرية لهذ التنظيم.
لم يكن لـ"داعش" أو "القاعدة" أن ينموا ويقويا في العراق، لولا توفر البيئة الحاضنة لهما بين شرائح واسعة من سُنّة العراق، الذين تعرضوا منذ الاحتلال في العام 2003، وما يزالون، لأوسع عملية إقصاء سياسي، ودفعوا غاليا ثمن سياسات الحكومات الطائفية في بغداد، وثمن استهدافهم بالقتل والتنكيل والإرهاب من الميليشيات الطائفية الشيعية، إضافة إلى تضييق فرص العيش والعمل تحت مظلة سياسة "اجتثاث البعث". كل ذلك جرى بتواطؤ وصمت الولايات المتحدة، في علاقتها الملتبسة مع إيران، ما أنتج في المحصلة عراقا ممزقا، ومفرخا لعشرات آلاف الناقمين واليائسين الذين لم يترددوا في البحث عن الخلاص، عبر "القاعدة" ومن ثم "داعش".
لم تعد هذه المعادلة العراقية بخافية على ساسة الولايات المتحدة ولا العالم. وكان مأمولا بعد سيطرة "داعش" على أجزاء واسعة من العراق قبل أشهر، أن تعمل الولايات المتحدة، باعتبارها صاحبة نفوذ كبير في العراق، على إحداث تغيير جذري وحقيقي في العملية السياسية العراقية، والتأسيس لعملية جديدة تدمج المكون السُنّي في إدارة بلاده، ووقف حرب الإقصاء ضده. إلا أن ذلك لم يحصل، ولا يبدو أن ذلك في سلم أولويات الولايات المتحدة على المدى القصير أو المتوسط.
وحتى الاستجابة المحدودة للولايات المتحدة، وإيران أيضا، بقبول تنحي نوري المالكي عن سدة الحكم، باعتباره رمزا وعاملا أساسيا للسياسة الطائفية والإقصائية ضد السُنّة، لم يكن كافيا، لأنه تغيير لم يُستكمل بتغيير قواعد اللعبة السياسية في بغداد، ولا بتطوير حقيقي للنظام السياسي الواقع أساسا تحت هيمنة إيران بحساباتها المعقدة في العراق ذاته، وفي الإقليم أيضا، وبالتداخل مع الهيمنة والنفوذ الأميركيين.
ما يرشح من تحركات أميركا واستراتيجيتها في الحرب على "داعش"، فيما يخص المكون السُنّي العراقي، لا يتعدى البحث عن نوع من شراكة عسكرية عبر التسليح والتدريب لعشائر سُنّية عراقية، وتقديمها وقودا في الحرب على الأرض ضد "داعش"، من دون تقديم مقاربة سياسية وطنية عراقية تضمن للمكون السُنّي حقوقه الوطنية والسياسية، ووقف التشوه في العملية السياسية.
ما ورد من محاور في خطاب الاتحاد للرئيس أوباما، فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، لا يؤشر إلى التقاط الإدارة الأميركية، بعد، لجوهر الأزمة العراقية، التي يرتبط بها أساسا تضخم تنظيم "داعش"، وإمداده بعناصر القوة والصمود والتوسع!

(الغد 2015-01-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات