الإصلاح الإعلامي في الأردن

عقد لقاء بعنوان الإصلاح في الأردن بتنظيم من مؤسسة "فريدريش ناومان" الألمانية. وتناول الإصلاح السياسي والاقتصادي والإعلامي.
وبشأن الإصلاح الإعلامي يواجه الأردن التحدي الذي واجهته جميع الدول التي تسعى للتقدم، وكيفية تحقيق التوازن المناسب بين حرية التعبير وحرية الصحافة وحماية حقوق الآخرين والمصالح العامة.
إن كيفية التعامل مع ثورة "تكنولوجيا الحرية" التي هي نتيجة التزاوج بين التكنولوجيا والمعلومات ستحدد مستقبل الإصلاح الإعلامي في الأردن ولربما السياسي والاقتصادي أيضا.
فالإنترنت أصبحت أهم وسيلة في استقاء وتلقي وبث المعلومات، ويبدو أنها ستلعب الدور الذي لعبته مطبعة "جوتنبرغ". ومع تفجر المعلومات فإن الذين يجادلون بضرورة فرض رقابة على الإنترنت يتبعون الخطى نفسها التي كانت تدعو لفرض رقابة مسبقة على الصحف قبل 400 سنة.
إن نظرة على ترسانة القوانين المقيدة لمضمون الإنترنت في الأردن كقانوني منع الإرهاب وجرائم انظمة المعلومات تعطي فكرة عن كيفية التعامل مع التكنولوجيا الجديدة بعقلية قديمة.
ويؤخذ على النصوص العقابية لجرائم النشر في قانون العقوبات وغيره انها تتجه نحو التغليظ، وأن مصطلحاتها مطاطية وغامضة ومرنة، وهنا يصعب التمييز بين المباح والمعاقب عليه.
وفي ظل التقييدات القانونية والعقوبات التي تواجه الصحافي يصبح رئيس التحرير والصحافي وحراس البوابات بمثابة وكلاء عن رقيب المطبوعات عند تقرير ما ينشر وما لا ينشر. وتعد الإحالة إلى المحاكم أهم وسائل ترهيب الصحافيين.
وبسبب القوانين المقيدة لحرية التعبير وحرية الصحافة ليس من المستغرب أن يتبوأ الأردن مكانة لا تليق به في مؤشر حرية الصحافة العالمية.
ومن المعروف أن مصلحة المجتمع تتحقق بقيام وسائل الإعلام بدورها عبر ثلاثة أسس رئيسة هي:
- مهنية جيدة للإعلاميين.
- بيئة تشريعية تضمن الحريات الإعلامية. (يعرف فيها الإعلامي حقوقه وواجباته، والمباح والمعاقب عليه).
- الالتزام بأخلاقيات المهنة.
إن أي خلل في واحدة أو أكثر من هذه الأسس يشكل انتهاكا لحق المواطن في المعرفة.
ويمكن للاستراتيجية الإعلامية أن تشكل خريطة طريق للمستقبل وتحل إشكاليات عديدة ظهرت حول دور وسائل الإعلام في المجتمع وخاصة الإعلام الجديد.
إن الاستراتيجية الإعلامية نقطة التقاء بين النواب والإعلاميين والحكومة وتطبيقها لا يثير اعتراضات بشرط عدم الانتقائية في بنودها.
وإذا أردنا السير على "سكة الإصلاح" فيجب أولا منع التوقيف في قضايا الرأي والتعبير وجعل مبدأ وقف تنفيذ العقوبة وجوبيًا وذلك عند الحكم بعقوبة سالبة للحرية. وشخصيا لا أعارض حبس الصحافيين لكن بقرار قطعي من محكمة مدنية. ماذا تريد الحكومة أكثر من هذا التنازل!
ولا بد من تعديل قانوني منع الإرهاب ومحكمة أمن الدولة وتوسيع ولاية قانون الحصول على المعلومات ليشمل مزيدا من المؤسسات خاصة المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلا حكوميا وأجنبيا والتي أصبح أغلب أصحابها صائدي مكافآت على طريقة أفلام الكابوي.
(العرب اليوم 2015-01-25)