حوار في باطن الأرض!

تم نشره الإثنين 22nd شباط / فبراير 2010 01:03 صباحاً
حوار في باطن الأرض!
خيري منصور

ليست السياسة دائما هي فن الممكن ، فهي احيانا تتحرش بتخوم المستحيل ، لان لها حصة من الخيال شأن العلم ، وما كان ذات يوم مجرد خيال علمي اصبح الآن واقعا ملموسا باليد ومرئيا بالعين المجردة ، لهذا ليسمح لنا الساسة ان نجرب خيالنا ولو لمرة ونتخطى ذرائعيتهم ، وواقعيتهم الزواحفية.

وليكن المثال.. الحوار الفلسطيني - الفلسطيني المتعثر والذي يذكرنا بحكاية ابريق الزيت في موروثنا الشعبي.. والحوار الذي فشل مرارا بين فتح وحماس سواء في القاهرة او مكة المكرمة او في اي مكان آخر ، هو حوار الاحياء على سطح الارض ، لهذا ينقل للناس بواسطة التلفزة والصحف ، ويقتله المعلقون الفضائيون تحليلا ، وهناك حوار آخر في باطن الارض ، لكن ما من كاميرات تصوره وما من صحفيين يرصدونه وما من امناء عامين او اعضاء مكاتب سياسية يدلون بالتصريحات حوله.

ما الذي يمكن لخليل الوزير ان يقوله للشيخ احمد ياسين في باطن الارض؟ واية ورقة سوف يختلف عليها فتحي الشقاقي مع غسان كنفاني؟ هل سيدير ياسر عرفات ظهره اذا طرح عليه الرنتيسي السلام؟ هؤلاء جميعا من مختلف الايديولوجيات والمواقف عاشوا فلسطينيين مختلفين ، وربما لجنسيات متعددة لكن ما وحّدهم وحذف حرف الواو بين كل اسم وآخر هو الرصاص الاسرائيلي ، واحيانا السم: فلا فرق ما دام الهدف واحدا،.

لدى هذا الزعيم او ذلك المسؤول الحركي ما يختلفان عليه الآن من المناصب ومواقع وميزانيات ، لكن ما ان يأزف دور احدهم حتى يصحو وتتسع عيناه من فرط الاندهاش.

هي مفاوضات من طراز آخر ، لا تعرضها الفضائيات ولا يتاجر بها الاعلام ، لأنها سرية لكن ليس على طريقة اوسلو ، فالقنوات فيها من تراب مجبول بالدم ووجبة العشاء من جذور الزيتون والسنديان.

لا حسابات صغرى لاسترضاء هذا الطرف او ذاك ، سواء تعلق الامر بالاقليم او بالكوكب ، فالمتحاورون تحت التراب اكتشفوا بانهم العدو الجذري الواحد لان الرصاص الذي اخترق عظمهم هو الرصاص ذاته ، بالتوقيع ذاته وبالهدف ذاته ايضا.

عيلنا ان نموت اذن كي نكتشف الحقيقة ، فأي ثمن باهظ هذا؟ واية حياة تلك التي تزوًّر الحقائق؟ اكاد اصغي الى ما يقوله خليل الوزير للرنتيسي وما يهمس به الشيخ ياسين بأذن ياسر عرفات ما دام الخيال السياسي مسموحا ولو لمرة واحدة فقط ، في زمن عفّت عن واقعيته السلاحف والديدان.

فالقضية الفلسطينية تراجيديا كبرى وتغريبة تنافس الالياذة والاوديسة ، واختبار بلغت فيه نسبة الرسوب القومي والوطني درجة مخجلة.

كانت فلسطين ذات عروبة بسعة هذا الوطن من الماء الى الدم ومن النخلة الى الزيتونة. ثم ضاقت لتصبح ضفة وقطاعا. وضاقت اكثر لتصبح ضفة حذف منها القطاع وقطاعا حذفت منه ضفته،،.

ما من مرد يعلن فها عن اغتيال قائد فلسطيني سواء كان من فتح او حماس او الجهاد او الشعبية او الديمقراطية او اي فصيل اخر ، الا ويفتضح تابوته المغطى بالعلم الفلسطيني ما يختلف عليه الاحياء.

فحبذا لو نرمي الصحف جانبا ونغلق التلفزيون والانترنت ولو دقيقة كي نصغي الى ذلك الحوار.

 

 

 

 

 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات