الحالة الاجتماعية: مطلقة بلا زواج

تم نشره الإثنين 22nd شباط / فبراير 2010 06:45 صباحاً
الحالة الاجتماعية: مطلقة بلا زواج
فريهان الحسن

لم تشفع لها براءتها وصغر سنها بأن تأخذ فرصتها لتتمتع بتفاصيل حياتها وتعيشها كما يجب، فإصرار ذويها على عقد زواج لإتمام خطبتها، كسبيل للتعرف على شريك العمر، لم يصمد كثيرا، فسرعان ما فسخ العقد وتحملت هي وزر إصرار الوالدين، برتبة "مطلقة".

فإصرار العائلة على العقد نابع من القلق عليها، بيد أنه وضع الفتاة على مفترق صعب، وأوصلها إلى طريق مرصوفة بالمخاطر والصعاب وأخرى مسدودة، بعد أن وصمت بلقب "مطلقة" الذي سيرافقها طوال العمر في مجتمع شرقي لن يرحمها، رغم أن الإصرار على عقد الزواج تم احتراما للعادات وامتثالا للتقاليد والموروثات الاجتماعية.

وها هي بسنواتها التي لم تتجاوز الثماني عشرة تتكبد عبء هذا اللقب الثقيل في مجتمع ما يزال يتطلع لهذه الفئة بنظرة شك وريبة وعدم رضا، وها هي بخبرتها القليلة تنضم إلى فريق من النساء غير المرغوب بهن، واللواتي يتعرضن لأشكال مختلفة من التمييز والظلم والقهر، لا لشيء إلا لأنهن مطلقات. وستبقى هذه الشابة تدفع ثمن عقد الزواج الذي أغلق وسيغلق فرصا متعددة في حياتها، فهي "مطلقة" بامتياز وتملك، وفقا لنظرة المجتمع، مواصفات المرأة الفاشلة، التي لو استطاعت أن تحتفظ بالزوج لفعلت ولما طلقها وتركها في مهب مجتمع رافض لفكرة الطلاق، رغم أنه أبغض الحلال.

اعتقد الأهالي بأن عقد الزواج المبكر سيحافظ على مصلحة ابنتهم وسمعتها في مجتمع قاس لا يرحم، غير أنهم من حيث لا يدرون ظلموها وحملوها، على صغر عمرها ومحدودية درايتها، مسؤوليات كبيرة وكثيرة، تفرض عليها تغيير حياتها بالكامل وتقلبها رأسا على عقب.

ثمة ظلم واضح أسهم فيه الأهل، فتلك الفتاة المطلقة، لم تعد تملك مواصفات عالية الجودة، فأهلها وضعوها في مأزق كبير ستبقى تحاسب وتعاقب عليه وبأثر رجعي، في وقت يعلق الرجل جميع أخطائه عليها، ولا يصيبه أذى من الطلاق أو الانفصال، فهو؛ أي الرجل، محمي بالتقاليد والأعراف من النظرة الدونية الموجهة للنساء.

كثيرة هي حالات الصغيرات المطلقات في مجتمعنا، واللواتي يدفعن كلفة باهظة من عمرهن، وسط مجتمع يستنكر ما قمن به، ونظرة شك وأسئلة تخرج من أفواه الأقارب والجيران والأصدقاء، تقول "أبصر شو عاملة مشان هيك تركها؟". الحال على الضفة الأخرى مختلف تماما؛ فالرجل الذي شعر أنه تسرع في الارتباط وترك خطيبته لا يحاسب! وذاك الكاذب والمخادع، لا مسؤولية عليه!، وآخر لعب في مشاعر المرأة ثم اختفى من حياتها لأي سبب كان! لا يخضع للمساءلة، فالفتاة هي المخطئة باستمرار وعليها دفع الثمن في مجتمع لا ينصف المرأة أبدا.

إلى متى ستبقى المرأة عرضة للظلم والقهر، وإلى متى ستبقى الأمثلة على ظلم النساء كثيرة، وإلى متى سيبقى هناك تسرع في الاختيار من قبل الأهل الذين لا يدركون بأن الزمن تغير، وبأن المرأة كائن بالغ عاقل ناضج قادر على تحديد مصيره من دون حماية زائفة لا تأتي إلا بالألم.

سوء الاختيار وتدخل الأهل كثيرا هما ما أدى إلى الطلاق، فوفقا لدراسة اجتماعية صادرة عن جمعية العفاف الخيرية، كشفت عن أن عاملي "سوء الاختيار" و"تدخل الأهل" تصدرا قائمة أسباب الطلاق في عمان خلال الفترة الواقعة بين العامين 2005 و2007، وأن عدد المطلقات قبل الدخول في العام 2007، وصل إلى 6000 حالة في محافظة العاصمة فقط!

خوف غير مبرر من الأهالي، تحكمه قيم مجتمعية بالية، كانت سببا في تعاسة آلاف النساء ومبررا لجرحهن وزرع الألم في قلوبهن الرقيقة، والقادم سيكون أكثر، ما دام المجتمع يستهتر بعقولهن ويعتقد أن المرأة أو الفتاة ناقصة وغير مكتملة!

 

f.alhassan@alghad.jo

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات